ملف «تشرين».. تغييب واضح للأغنية السورية وضياع هويتها

تشرين- ميسون شباني:
ركود وتراجع واضح للأغنية السورية وغياب شبه تام للكلمة واللحن السوري الذي أطربنا فيما مضى.. أسئلة كثيرة عن سبب هذا التراجع و الانحدار في مستوى الكلمة واللحن وأين تكمن محنة الأغنية السورية: في النص، الكلمة،  اللحن، أم في الصوت، المطرب، المغني،… وأين الأغنية السورية اليوم؟ أسئلة كثيرة وإجابات تأتي دائمًا مواربة..
يقول الباحث والموثق الغنائي أحمد بوبس بأن الأغنية السورية ازدهرت في خمسينيات القرن الماضي مرورًا بالستينيات وحتى السبعينيات وظهر ملحنون كبار أمثال مصطفى هلال، عدنان قريش ، رفيق شكري.. هؤلاء من الملحنين الكبار ولا ننسى مجدي عقيلي وغيرهم من الملحنين الذين آمنوا بالأغنية السورية ولحنوا فيها إما باللهجة العربية الفصحى أو باللهجات السورية المحلية لبعض المناطق السورية ، ورافق ذلك وجود مطربين كبار أدّوا هذه الأغنيات باقتدار أمثال: كروان ، زكية حمدان، ماري جبران، صباح فخري، محمد خيري. وغيرهم الكثير من الكبار، وجاء جيل ثانٍ من الملحنين أمثال سهيل عرفة، عبد الفتاح سكر، زهير العيساوي الذين زادوا في إغناء الأغنية في سورية وهي جزء من الأغنية العربية ولا تختلف عنها في شي سواء في المقامات الموسيقية أو في القوالب إنما في اللهجة فقط وكان هناك مطربون كبار غنّوا الأغنية السورية ولابدّ أن نذكر أن بعض الملحنين كانوا مطربين أمثال: عبد الفتاح سكر ونجيب السراج وغيرهم واستطاعت أغانيهم أن تحقق انتشارًا عربيًا واسعًا وبأصوات بعض المطربين السوريين أمثال: فهد بلان، صباح فخري، محمد خيري ، وموفق بهجت الذي كان من الجيل الثالث وحقق حضورًا خاصًا بأغانيه وطريقة أدائه..

بوبس وقرنفلة: انحدار الأغنية بدأ منذ ثمانينيات القرن الماضي

لا بديل للرواد
ولكن مع دخول مرحلة الثمانينيات بدأت الأغنية السورية تتراجع بسبب رحيل الرواد الكبار وعدم وجود بديل عنهم سواء في التلحين أو الغناء ، وهنا لاننكر وجود بعض الأصوات المتفرقة مثل: فؤاد غازي ومصطفى نصري ولكن لم تستطع هذه الأصوات أن تسد الثغرة التي حدثت بسبب رحيل العمالقة الكبار من الملحنين والمطربين، ولا ننسى الكتّاب الكبار الذين ارتقوا بالأغنية بسبب كلماتهم أمثال: عمر حلبي ، مسلم برازي، أحمد قنوع، مصطفى الحاج .. وغيرهم.

تراجع محلي وعربي
طبعًا الأغنية السورية تراجعت، وتراجعت معها الأغنية العربية وجاءت بعض الأصوات التي لم تستطع أن تسد الثغرة التي تركها العمالقة وهنا ظهرت موجة الأغنية الهابطة السيئة التي ليس لها هوية ولا انتماء إلى الفن العربي الأصيل ووصلت إلى ما هي عليه الآن، ويضيف بوبس: أود أن أنوه بأن الفنانة الكبيرة ميادة الحناوي لا تعدّ مطربة سورية بالمفهوم الفني لأن جميع أغانيها كانت باللهجة المصرية وجميع من لحنوا لها كانوا من مصر وهي لم تقبل أن تغني لأحد من الملحنين السوريين.. طبعًا يجب أن أترك وأذكر الملحن الكبير محمد محسن الذي بدأ مطربًا وتحول إلى ملحن واستطاع أن يكسر طوق المحلية وينطلق عربيًا فلحن لكبار المطربين أمثال فيروز، صباح ، نجاح سلام ، محمد رشدي ، شريفة فاضل .. ولا ننسى ألحانه مع المطرب الكبير صباح فخري، إضافة لماري جبران وزكية حمدان وكروان، ولا ننسى الصوت السوري الرائع مها الجابري التي كانت علامة فارقة في تاريخ الأغنية السورية .
هذه باختصار حال الأغنية السورية التي لا تسر صديق ولا عدو وهي في حال سيئة ونتمنى أن يأتي جيل من الملحنين والشعراء يعود بها إلى سابق مجدها وتألقها.

الجيل الجديد
بدوره الباحث الغنائي محي الدين قرنفلة يقول إن الوضع اختلف منذ أوائل الثمانينيات والذي بدأت فيه موجة الانحدار للأغنية السورية من دون أن يشهد ولادات فنية جديدة لكن ذلك لا يعني عدم وجود أغانٍ جيدة وأصوات مميزة على قلتها وندرتها تعيدنا إلى أجواء الأصالة، ويضيف: رغم قلة الإطلالات الفنية إلّا أنها كانت غير قادرة على حماية الأغنية الأصيلة والذوق العام من الخطر، ويضيف كان هناك ملحنون ومغنون لا تزال أصواتهم حاضرة وتتردد أغانيهم وتتجدد ألحانهم إلى الآن.. أمثال: نجيب السراج، عبد الفتاح سكر، وبعض المطربين مثل: ماري جبران، كروان، فهد بلان، صباح فخري ..وغيرهم.
ونوه قرنفلة بأن الفن الأصيل والحقيقي لا يصل إلى الناس، إلّا في حال أعطيت له مساحة كالتي تعطى لأغاني الفيديو كليب، خاصة أن الجيل الجديد لا يعرف تراثه الغنائي والموسيقي رغم وجود محاولات لإعادة إحياء التراث وتقديمه إلّا أن هذه المحاولات لم تتعدَ الـ( ٥٪  ) والبقية تعطى للموجة الغنائية الجديدة والهابطة، واستطرد قرنفلة بأن مهرجان الأغنية السورية حاول تقديمها بقالب غنائي وموسيقي متجدد إلّا أن وهجه خفت بسبب الأزمة التي تركت أثارها على كل شيء ومنها الأغنية السورية.

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. مَحدودية مزمنة ترافق أغنيتنا.. والنتيجة محسومة لمصلحة الآخر

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار