«الإذن» الأميركي..؟

كيف نمنع سقوط خاركوف؟

السؤال يأكل أدمغة الغربيين.. وليس أمامهم سوى (الشر الذي لا بد منه).

قبل أسبوعين على موعد مؤتمر سويسرا لـ«السلام في أوكرانيا» الذي يضم جناحي الأطلسي، إضافة إلى دول أخرى تمت دعوتها (ليس من بينها روسيا؟!.. فيما رفضت الصين حضوره، لإدراكها مسبقاً نتائجه، وحتى لا يُفهم حضورها بأنه تحول أو تغيير أو قبول بالنهج الغربي ضد روسيا)..

قبل أسبوعين- كما ذكرنا- بدأت سلسلة مواقف أوروبية/أميركية، تدحرجت باتجاه أقصى تصعيد مع روسيا، منذ بدء العملية العسكرية في أوكرانيا قبل أكثر من عامين.. مواقف افتتحتها فرنسا وانتهت مع «إذن» أصدره بايدن (الخميس الماضي) سمح لنظام زيلينسكي بضرب أهداف داخل الأراضي الروسية بالأسلحة التي تم تزويده بها، خصوصاً من أميركا وبريطانيا وألمانيا، وهي الأكثر تطوراً، وبالتالي يُفترض أنها الأكثر تأثيراً في الميدان، لوقف تقدم الجيش الروسي باتجاه خاركوف، أو بعبارة أدق منع سقوطها بيد الجيش الروسي، وهي المدينة الثانية بعد العاصمة كييف.

مؤتمر سويسرا يندرج أيضاً في إطار التصعيد، وليس الهدف منه السلام بقدر ما هو إرسال رسائل تهديد لروسيا، بصورة جماعية، بزعم أن المجتمع الدولي موحد ضدها، فيما الجميع يعلم أن الصراع هو بين روسيا والأطلسي حصراً، وأن محاولات أميركا لإعطائه اتجاهاً دولياً ثالثاً لن تنجح، خصوصاً مع رفض الصين حضوره.

عملياً لا يمكن التقليل من خطورة «الإذن» الأميركي، والذي قد تتسلح به دول أوروبية لفتح ثغرة باتجاه إرسال قوات برية إلى جبهة أوكرانيا، فرنسا سبق وأعلنت هذه النية أكثر من مرة، آخرها قبل أيام تحت ستار «إرسال مدربين»، بل إن فرنسا تكاد تستميت في سبيل دور أوسع لها على هذه الجبهة رغم كل التحذيرات والرفض الداخلي، ومن غير المستبعد أن تبدأ فرنسا مساراً أوروبياً على مستوى توسيع التورط الأوروبي في حرب أوكرانيا.

بالتوازي لا يمكن التقليل من خطورة التقدم الروسي باتجاه خاركوف، وذلك من وجهة النظر الغربية، ومن هنا يغدو مفهوماً ذلك التدحرج التصعيدي في المواقف الأوروبية، وصولاً إلى «الإذن» الأميركي، كان لا بد من التحرك، بالتهديد أولاً، ثم بالتحرك عملياً من جهة ثانية، وإن كان هذا التحرك لم يبدأ بعد.. ولكن هل يجرؤ الغرب على دخول الجبهة برياً، هل يجرؤ على المضي قدماً في مسألة السماح بضرب أهداف داخل الأراضي الروسية؟ هل بات مستعداً لنقل الحرب إلى داخل روسيا؟ بمعنى هل يستطيع تحمل تداعيات فتح مواجهة عسكرية مباشرة مع روسيا وعلى أراضيها؟.. وتالياً هل إنه لم يعد أمام الغرب سوى ذلك لمنع سقوط خاركوف؟.. وإذا ما سقطت خاركوف فإن كييف هي التالية.

بقراءة المحللين السياسيين فإن الكرة باتت في ملعب موسكو، وذلك لناحية الرد على هذا التصعيد، أو لنقل تحديداً الرد على الإذن الأميركي.

بقراءة المحللين العسكريين فإن الكرة ليست في ملعب موسكو، وذلك لناحية أن التصعيد لم يُترجم بعد، فإذا ما تمت ترجمته في الميدان عندها يمكن القول إن الكرة باتت في الملعب الروسي، وأنه بناء على هذا الرد سيتم تحديد ما إذا كانت حرب أوكرانيا ستتوسع باتجاه سيناريوهات أخطر، ليس فقط لناحية الجغرافيا باتجاه عموم أوروبا، بل لناحية تحولها إلى حرب نووية (مصغرة) إذ إن موسكو – التي مارست دائماً سياسة أقرب إلى التجاهل في التعامل مع التصعيد المتدرج في الدعم العسكري الغربي لنظام زيلينسكي – لم تتردد في المقابل عن تصعيد إنذاراتها للغرب، بما فيها التحذير من أن التصعيد الغربي (وما قد يليه من تحركات ميدانية) يُنذر بـ«تحول نوعي في ماهية الصراع» بما في ذلك «إقدام روسيا على استخدام أسلحة نووية تكتيكية».

ربما من هنا نفهم التصريحات الأخيرة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين حول أن «دول ناتو يجب أن تفهم بماذا، وبأي أمر تلعب، ومع من تلعب؟».

بكل الأحوال، وإذا ما كان التصعيد الأميركي/الأوروبي، سيدخل حيز التنفيذ، فإن ذلك سيكون ما بعد مؤتمر سويسرا، حيث سيتلطى الأطلسي وراء قرار قد يصدر عن المؤتمر، بزعم إنه قرار دولي، لإكسابه الشرعية، لنقل حرب أوكرانيا إلى مرحلة متقدمة من المواجهة مع روسيا. بهذا فقط يستطيع الغرب منع سقوط خاركوف، ليس انتصاراً على الجيش الروسي، بل بتوسيع ميدان الحرب، والمخاطرة بتحولها إلى حرب عالمية.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار