ملف «تشرين».. المقاومة العراقية- السورية على مسار واحد مع غزة.. تثقيل الهجمات على القواعد الأميركية

تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
أسوأ ما أفرزته جبهة غزة بالنسبة لأميركا، أمران: الأول، اندفاع المقاومة العراقية بصورة أكثر علانية ومباشرة في استهداف القواعد العسكرية الأميركية في العراق وسورية، تأكيداً على وحدة جبهات المقاومة ضد المحتل الأميركي والإسرائيلي ونصرة لغزة وأهلها ومقاومتها.. وعلى أن هذه المقاومة حاضرة وقادرة على الضرب والتأثير وإيلام المحتل، وأنها تشكل مع المقاومة الشعبية السورية قوة لا يُستهان بها «مع 20 هجوماً نفذته خلال أسبوع واحد فقط».
الأمر الثاني يتعلق فيما يمكن تسميته حالة القوة المضاعفة المباشرة التي تصدّرها معاً المقاومتان السورية والعراقية لناحية تأكيد الحضور على ساحة الفعل ورد الفعل، وأنهما على جهوزية تامة في حال توسعت جبهة غزة، ليس فقط للصد بل للرد أيضاً، أي الهجوم، وبشكل لا يتخيله المحتل الأميركي الذي لن تنفعه تحشيداته العسكرية في المنطقة، لأن الفرصة قد لا تتاح له لاستخدامها، عدا عن أنه سيفكر مليون مرة في تداعيات هذا الاستخدام.

عشرون هجوماً استهدف القواعد الأميركية في أسبوع واحد… هذا رقم خطير

وغير مسبوق وواشنطن تتساءل ما العمل إذا كانت كل التعزيزات وأحدث أنظمة الدفاع لا تجدي

عشرون هجوماً تعرضت له القواعد الأميركية غير الشرعية في سورية خلال الأسبوع الماضي، أبرزها قاعدة التنف، وهذا رقم خطير وغير مسبوق بالنسبة للمحتل الأميركي، الذي رد بقصف جوي ليل الخميس-الجمعة على منشأتين بالقرب من البوكمال على الحدود العراقية، زاعماً أنه استهدف مستودعات أسلحة وذخيرة يستخدمها «الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة له»، حسب بيان لوزير الدفاع الأميركي لويد أوستن.. لتعود المقاومة في اليوم التالي بهجوم عنيف على قاعدة التنف، عبر طائرتين مسيرتين على الأقل، تمكنتا من الوصول إلى هدفيهما مباشرة مع فشل الدفاعات الجوية الأميركية في التصدي لهما، ثم بهجوم ثانٍ ليل أمس على قاعدة حقل العمر، وبثلاثة صواريخ.. ومن المتوقع أن تتكرر الهجمات بصورة أكبر وأوسع في الأيام المقبلة وبما سيُضاعف حالة القلق والضغط لدى الأميركيين الذين يُحاذرون بشكل كبير في خطواتهم لمنع خروج الأمور عن السيطرة قبل أن يستطيعوا هندسة تواجدهم العسكري الجديد في المنطقة.
لنعد إلى بيان أوستن وما جاء فيه…
أولاً، حرص البيان على عدم ربط «الرد الأميركي» على الهجمات بما يجري في غزة، وإنما في مزاعم «الدفاع عن النفس» والهدف واضح لناحية تكريس الفصل بين الجبهات، والقول إن جبهة غزة تقف وحيدة حتى الآن.
ثانياَ، حرص البيان على إظهار عدم رغبة الولايات المتحدة في «الانخراط بمزيد من الأعمال العدائية»، وفي هذا دليل واضح على أنها لا تريد فتح جبهات الآن، أو على الأقل هي غير مستعدة لجبهات جديدة في ظل التركيز على جبهة غزة، وهي وإن كانت اعتمدت التصعيد ميدانياً وفي تصريحاتها اللاحقة فإن مرد ذلك هو القلق والخشية من ألا يتوقف مستوى الهجمات على ما هو عليه حالياً، قوة هجمات المقاومة التي تتسع بالجغرافيا، والاستهداف ودقة التركيز والتصويب تنذر الأميركي بأن الأيام المقبلة ستكون أشد سخونة وأن كل ما اعتمده خلال الفترة الماضية من تعزيز وتحصين لقواعده العسكرية لن يصمد لساعات أمام وابل الهجمات الذي ستعتمده المقاومة بصورة متصاعدة ومدمرة «في حال استمرت المجازر الإسرائيلية ضد الأبرياء في غزة» والتي هي «بدعم أميركي كامل» وفق ما جاء في بيان لأحد فصائل المقاومة العراقية يوم الجمعة الماضي.
ثالثاً، حرص البيان على تأكيد فشل الهجمات مقابل نجاح الضربات الأميركية، لكن الوقائع تنفي ذلك.

إذا كانت أميركا تتبجح بأنها لا تضع خطوطاً حمراء للكيان الإسرائيلي في عدوانه الوحشي

على غزة فإن المقاومة أيضاً لن تضع خطوطاً حمراء لعمليات الاستهداف والهجمات

هذه الهجمات، ومنذ انطلقت في مرحلتها الأحدث في 17 الشهر الجاري، بصورتها الأدق والأقوى، استطاعت إيقاع إصابات محققة في القواعد الأميركية وبين الجنود الأميركيين، ففي الأسبوع الماضي فقط أوقعت إصابات بـ25 جندياً أميركياً، يأتي ذلك رغم واقع التعزيزات الضخمة التي يستقدمها الجيش الأميركي إلى قواعده خصوصاً إلى التنف، وحقلي العمر وكونيكو، والتي هي الأكثر استهدافاً بالهجمات.. ورغم أن هذه القواعد مُحصنة بأحدث الأسلحة الدفاعية وأنظمة الدفاع الجوي إلا أن هجمات الأسبوع الماضي ستجبر الجيش الأميركي على استقدام المزيد من التعزيزات والجنود، وربما يكون هذا الأمر على قائمة الـ2000 جندي الذي قالت الولايات المتحدة أن ستنشرهم في المنطقة مع منظومتي «ثاد» و«باتريوت» في أعقاب عملية «طوفان الأقصى»، وتحضيراً للعملية الإسرائيلية البرية ضد قطاع غزة والتي من غير المعلوم بعد متى ستبدأ وكيف؟

بكل الأحوال، وبقدر ما يخشى الكيان الإسرائيلي اتساع جبهة غزة إقليمياً، بقدر ما تخشى الولايات المتحدة الأمر نفسه، هي لا تريد فتح جبهات جديدة على نفسها، أو توسيع الجبهات المفتوحة أصلاً، لكن هذه الخشية لا تنجي أميركا ولا الكيان الإسرائيلي. «حزام النار» الذي يوسعه الكيان الإسرائيلي حول غزة، كما يقول، لن يكتمل إلا وأميركا بداخله.. وإذا كان هذه الأخيرة تبجحت بالأمس -على لسان جون كيربي منسق الاتصالات الاستراتيجية في البيت الأبيض – بأنها لا تضع خطوطاً حمراء للكيان الإسرائيلي في عدوانه على قطاع غزة، ولا تسأله ماذا يفعل وكيف، وكم يقتل ويدمر؟.. فإن المقاومتين العراقية والسورية (ومجمل محور المقاومة) لن تضعا -في الأيام المقبلة- خطوطاً حمراء لعمليات الاستهداف والهجمات التي ستستهدف القواعد الأميركية والإسرائيلية، لنترقب المشهد في الأيام القليلة المقبلة.. ولنا في المقاومة اليمنية و«صواريخها» مثال كافٍ وافٍ.
كاتب وأكاديمي عراقي

اقرأ أيضاً:

ملف «تشرين».. أسبوع رابع.. العالم منشغل عن المذبحة الصهيونية في غزة بسؤال الحرب الإقليمية و«من سيخاطر بالاقتراب من أميركا»؟

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار