استمرار الوحشية الإسرائيلية ضد غزة يؤرق المراقبين.. وواشنطن و«إسرائيل» يتشاركان الجريمة ضد الفلسطينيين
تشرين – بارعة جمعة:
تكاد لا تغفى عين أو يهدأ بال منذ اندلاع عملية «طوفان الأقصى» في غزة.. المدينة المنكوبة لا بل المكلومة، هناك في الضفة الموازية للحدث نجد أن الفعل العام ما زال بعيداً عن المستوى المطلوب، رغم أن مشهد الموت اليومي لأطفال فلسطين وشيوخها ونسائها بات مرعباً، ناهيك عن حالة الرعب التي جعلت منهم هدفاً يومياً للعدو الغاشم، الذي لم يسلم من غطرسته البشر أو الحجر، لا بل بات متمسكاً بمنهجه الصهيوني القائم على التهديد والقتل، آخذاً الجميع لاحتمالات قيام مجازر يومية كان آخرها تهديد مشفى القدس، الذي بات كغيره من المناطق عُرضة لصور إجرامه البعيدة عن منطق أي حق أو قانون دولي.
سيناريو مكرر
يومياً يشهد قطاع غزة المكلوم المزيد من التصعيد المُترافق مع دعوات لإخلائه من قاطنيه، ممن شكلوا تهديداً حقيقياً لمشاريع كيان الاحتلال ضمنه، ما دفع به لارتكاب أبشع الجرائم بحقهم والتي كان آخرها مجزرة مشفى المعمداني، إلا أن الأمر لم يقف عند هذا الحد من الإجرام، باستهداف المدنيين والمباني المدنية والمدارس ودور العبادة أيضاً، إلا أن الأبشع من كل ذلك هو استهداف المشافي وتدميرها على رؤوس الجرحى والمصابين والمرضى وفق رواية نقيب شرف في جبهة النضال الفلسطيني بسورية د.عبد الحميد شمالي لعمق الجرح الفلسطيني الذي بات في مرمى أهداف العدو، من دون احترام لقوانين دولية نصت على حماية المناطق المستهدفة.
د. شمالي: في حال بقي العدو وأعوانه ومن يدعمه وعملائه فإن الحرب ستتوسع
لتصبح إقليمية بلا شك وستكون بلا حدود وستجلب الويل والدمار للكيان الإسرائيلي
قطع الإمدادات والمساعدات من ماء وكهرباء وخاصة المحروقات التي تغذي المولدات في المشافي، هي إحدى صور الإجرام الحقيقي من الكيان الغاصب، يُضاف إليه برأي د. شمالي، فيما تبقى الآمال مُعلّقة بأبطال المقاومة في غزة ومن كافة الفصائل وعلى رأسها كتائب القسّام، الذين صمدوا وقهروا «الجيش الذي لا يُقهر»، متجاوزين حصونه المنيعة المدعمة من أمريكا والغرب ومن معهم.
ويضيف د. شمالي واصفاً ما تحمله قادمات الأيام من بشائر نصر لمحور المقاومة: دعم المقاومة في فلسطين وسورية ولبنان واليمن والعراق بات واضحاً، كما أننا نرى انقشاع الغيوم التي تلبدت في سماء المقاومة، وذلك عبر الدعم السوري- الإيراني وأطراف المقاومة في لبنان واليمن.
إلا أنه وفي حال استمرار العدو بمجازره وعدم انصياعه للقرارات الشرعية الدولية وعودة الشعب الفلسطيني إلى ما قبل عام 1967 والاعتراف بالدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس، وتعويض الأضرار من كافة أنواعها وعودة اللاجئين حسب قرار الأمم المتحدة، وفي حال بقى العدو وأعوانه ومن يدعمه وعملائه ستكون الحرب إقليمية لا حدود لها لا محالة برأي الدكتور شمالي، كما ستجلب الويل والدمار لـ «إسرائيل».
جرائم حرب
لغة المنطق والقانون لا تقبل بما يحدث، حقيقة لا يختلف عليها اثنان ضمن منطق القوانين الدولية وحقوق الإنسان التي لا زالت تنادي بها الأمم المتحدة دون تنفيذها، لذا فمن البدهي أن تكون النتائج كتلك التي نراها يومياً من تدخل سافر خارج عن المنطق الدولي وفق توصيف الأستاذ في القانون الدولي أحمد قلعجي لهذا الفعل، الذي يندرج تحت مسميات عدة لا تمت للإنسانية بصلة،
د. قلجعي: اليوم لا يمكننا التعويل على مجلس الأمن أو الاتكاء على قرار أو انتظار
استجابة مجرم لمنطق الشرعية والقانون، اليوم صوت الحق لن يعلو إلا ببنادق المقاومة
فهو عدوان لا بل جريمة حرب ومخالفة لكافة الاتفاقيات الدولية ومعاهدة لاهاي وقانون الحرب والقانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الملحقة، التي نص جميعها على حُرمة استهداف المدنيين العُزّل والمشافي والطواقم الطبية والهيئات الاغاثية ودور العبادة وغيرها من الأهداف المدنية، التي يجب -والحديث للدكتور قلعجي- أن تُستبعد في أيّ نزاع مسلّح، متسائلاً: فكيف إن كان الأمر هو فعل عدواني تقوم به قوى مُحتلة لا تُراعي حتى قانون الاحتلال؟
نعم.. لا يمكننا فصل ما قام به الكيان من استهداف مباشر لمستشفى المعمداني عن السياق الطويل للجرائم الصهيونية عبر تاريخها الطويل، كما علينا ألا نستغرب من وقوف واشنطن إلى جانبها وتحريضها على القتل برأي الدكتور قلعجي، لأن كلا الجانبين لم يعترفا يوماً بأي قانون أو قرار، حتى أنهما رفضا التوقيع على «ميثاق روما» الناظم لعمل المحكمة الجنائية الدولية، الذي ووفق منظوره فإن مجرد حصار «إسرائيل» لقطاع غزة يُعتبر جريمة حرب، فكيف الأمر إن تجاوز العدوان إلى تهجير عنصري وإبادة جماعية واستخدام الأسلحة المحرمة دولياً.. يتساءل قلعجي؟
اليوم كما في الأمس، نحن نواجه دولاً مارقة على القانون الدولي ومجلس الأمن حسب د.قلعجي، وباقي أجهزة الأمم المتحدة مُعطلة ومشلولة الإرادة، باستثناء بعض الانتقادات هنا أو هناك، لذلك لا يمكننا التعويل على مجلس الأمن أو الاتكاء على قرار أو انتظار استجابة مجرم لمنطق الشرعية والقانون، اليوم صوت البنادق هو ما يُسمع والتاريخ يُكتب بالدم والرصاص طالما أن الحق إلى جانبه.