الزراعة أولاً وأخيراً
مع الحالة الاقتصادية الصعبة التي نمر بها اليوم، أتذكر جدتي عندما كانت تردد عبارة .. كانت حياتنا صعبة لكنها جميلة كان الخير كثيراً و المحبة والتعاون والألفة هي السمة التي تجمع أبناء القرية، لم نكن نشتري أي شيء، كنا مكتفين ذاتياً.
فكل بيت يأكل مما ينتج، يزرع القمح والشعير والعدس والحمص… ويربي المواشي وينتج جميع أنواع الألبان والأجبان…
وكان مختار القرية مع عدد من وجهائها خلال فصل الصيف يكلفون بشراء ما تحتاجه القرية قبل بداية كل شتاء، من مواد لا تنتجها القرية مثل السكر والتمر وكذلك اللباس و غيرها.. كانت الحياة بسيطة والسعادة موجودة.
رغم الفقر، لم نشعر يوماً أننا فقراء فالإنتاج الذاتي لكل أسرة كان يكفيها طوال أيام السنة وكان من المعيب أن يهجر الفلاح أرضه أو يشتري أي منتج حيواني.
أما اليوم ونحن في عصر التطور والحضارة والتكنولوجيا، ضاعت هوية ريفنا الجميل، فَقَد نكهة الضيعة وغابت سماتها، و لم ترتق لمستوى المدينة، فضاعت هويته ما بين الريف والمدينة، فالفلاح هجر أرضه وباع ماشيته، وأصبح مستهلكاً مثل أبناء المدن بدلاً من أن يكون منتجاً.
فكم نحتاج للعودة إلى تراث أجدادنا، في ظل الواقع المعيشي المتردي.
العودة إلى الأرض وتربية المواشي باتت ضرورة، ليست تخلفاً كما يظنه البعض، وإنما العيب أن نهجر أرضنا دون زراعة ونربي الدواجن والمواشي وخاصة للقاطنين في الأرياف، حيث فهم الكثير من الأسر الريفية بأن الحضارة في التخلي عن تراثنا، نجوع ليقال إننا متحضرون، فمفهوم الحضارة للأسف فهم بشكل خاطئ، وما وصلنا إليه اليوم أكبر مثال على ضياعنا، فالعودة إلى أرضنا وتراثنا ثروة حقيقية، من خلالها يستطيع السكان العيش بكرامة وبحبوحة، ويشكل الفائض مورداً إضافياً .
وهذا الأمر يحتاج لوعي إضافة إلى العمل من جديد على تثبيت المزارع في أرضه، من قبل الجهات المعنية وأخص وزارة الزراعة دائرة تنمية المرأة الريفية ومشروع تنمية الثروة الحيوانية إضافة إلى هيئة التشغيل وتنمية المشروعات..، وذلك عن طريق تقديم القروض التنموية لهم دون فوائد، ودعم إنتاجهم الزراعي بشقيه النباتي والحيواني، و إيجاد أسواق لتصريفه، والعمل على دعم المشاريع متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة، التي تشكل عماداً قوياً للاقتصاد الوطني ، وتعزيز ثقافة العمل والعودة للأرض في ريفنا الغني بناسه وخيراته.