ملف «تشرين».. السويد وفنلندا.. أيُّ تغيير لقواعد الاشتباك في البلطيق؟
تشرين – وائل الأمين:
السويد عضو في «ناتو»… هذه الجملة انتظرتها ستوكهولم بفارغ الصبر بعد عام ونصف العام من المباحثات الشاقة مع أنقرة، أخيراً توافق الأخيرة على انضمام السويد لأكبر تكتل عسكري في التاريخ (ناتو) فماذا ستقدم لحلف شمال الأطلسي ؟
يمكن القول إن الفيتو التركي لانضمام السويد قد أُزيل بعد شوط طويل من المباحثات بين الجانبين، فتركيا التي أصبحت في الفترة الماضية غير مُرحب بها في الغرب، تعود اليوم من البوابة السويدية حيث استطاعت السويد إغراء أردوغان بمكاسب يراها الساسة في تركيا عظيمة، يمكن تلخيص أهمها بعدم دعم الكرد ورفع حظر تصدير الأسلحة لتركيا وتشكيل لجان مشتركة لمكافحة الإرهاب، وكذلك دعم ملف الأخيرة في الانضمام للاتحاد الأوروبي، كان ذلك مقابل رفع الفيتو التركي عن عضوية السويد في «ناتو»، وربما يرى الكثيرون هذه الخطوة طعناً في ظهر الروس وأعتقد أن ملف انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي لن يتقدم بأي خطوة لأن الكثير من العواقب تنتظره وهي:
أولاً: عدم توافق السياسة التركية مع توجهات الغرب في الكثير من الملفات، تجلى ذلك في التصادم مع اليونان في ملف الحدود البحرية حيث شهد هذا التصادم أوج قوته في 2020.
تمدد خريطة «ناتو» باتجاه حدود أوسع مع روسيا ينقل العالم إلى مرحلة جديدة من التوتر والتسخين وسباق التسلّح
ثانياً: استغلال تركيا لأوروبا في ملف اللاجئين وهو ما أثار غضب الغرب، الأمر الذي جعل من تركيا منبوذة في الداخل الغربي وهو ما يُعرقل انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي.
ولذلك قالت روسيا إنّ على تركيا ألّا تتوهم في مسألة الانضمام للاتحاد الأوروبي وأن الغرب لا يرغب برؤية تركيا في الاتحاد، ولذلك فإن روسيا تعلم أن هذا الملف لن يتقدم بأي خطوة.
الابتعاد التركي عن الحضن الروسي كان بمثابة خسارة كبيرة لتركيا، ولكن موسكو ستحافظ على علاقة طيبة مع أنقرة وذلك لأسباب تتعلق بإيصال الرسائل للغرب والتعاون معها بخصوص صفقة الحبوب وعدة مسائل سياسية متمثلة بالوضع في أرمينيا وكذلك سورية ولكن بطبيعة الحال لا يمكن القول إن الروس والأتراك متفقون على كل شيء.
يقول الرئيس الأمريكي جو بايدن إنّ قمة «ناتو» في فيلنيوس شهدت خطوة تاريخية، ومن الطبيعي أن يقول بايدن هذه الجملة لأن انضمام السويد للناتو يعني دخول الصناعة العسكرية السويدية إلى حلف «ناتو» حيث تعدّ من أقوى الصناعات العسكرية من الطائرات والغواصات وكذلك انضمام السويد وفنلندا لحلف «ناتو» يعني أن «ناتو» أصبح أقرب من روسيا وبالعلم العسكري يعني ذلك توزع الجبهات ما يعني أن روسيا ستحتاج إلى نشر المزيد من القوات على حدود هذه الدول التي كانت ضمن الدول المحايدة، فبعد انضمامها ستزيد حدود «ناتو» مع روسيا أكثر من 1300 كم وكذلك ستتيح هذه الدول للناتو فرصة الوصول للقطب الشمالي حيث القواعد الروسية وغنى المنطقة بالنفط والغاز.
انضمام السويد وفنلندا سيتيح للغرب فرصة الوصول للقطب الشمالي حيث القواعد الروسية وغنى المنطقة بالنفط والغاز
توسع خريطة «ناتو» الجغرافية وتغيّر النهج السياسي تجاه روسيا يدل على انتقال الصراع بين روسيا و«ناتو» إلى مرحلة جديدة سارت بخطى متسارعة، فمنذ العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا بدأ «ناتو» دعم نظام كييف لوجستياً ومادياً وعسكرياً وصولاً لتزويده بقنابل عنقودية، واليوم يأتي تمدد «ناتو» باتجاه البلطيق في محاولة لعزل روسيا عن المياه الدافئة في البلطيق، كل هذه الخطوات تعني أن على الروس حسم المعركة عسكرياً في أوكرانيا وإلّا ستدخل موسكو في عملية استنزاف عسكرية واقتصادية كبيرة ستزيد من الحراك نحو سباق تسلح جديد.
الولايات المتحدة الأمريكية تجر «ناتو» نحو مواجهة مباشرة مع روسيا، من دون أي اعتبارات لمصالح موسكو وأمنها القومي خصوصاً بعد أن اعتبر «ناتو» أن روسيا تشكل تهديداً مباشراً، ما يدل على أن أمريكا تحاول إغراق أوروبا في ويلات الحروب مرة أخرى، ولكن هل تنجح مساعي البيت الأبيض في إشعال أوروبا أم سيكون للكرملين رأي آخر؟؟.. يتساءل مراقبون.
اقرأ أيضاً: