انكفاءٌ نحو هوليوود وصالات «الهيب هوب»

إن كانَ ولابدَّ من رأس هرمٍ مُهيمنٍ في هذا العالم، فهذا لا يعني أن الخيارَ الأميركيَّ هو الأوحدُ، فثمةَ بدائلُ باتت جاهزةً اليومَ.
أوليسَ الأميركانُ ذاتُهم مَنْ برعوا في اجتراح الاستراتيجيّات البديلة، في ممارسة لعبة السطوة المزمنة، حيث تقتضي بوصلة مصالحهم التي يسمّونها عادةً «المصلحة القوميّة العليا»؟
نظامٌ عالميٌّ جديدٌ أمسى متبلوراً بنسخة لا تخلو من المفاجآت، على الرغم من النبوءات والرؤى التي دفعت بها مراكزُ دراساتٍ «عميقة» في الولايات المتحدة الأميركيّة، والمفاجأةُ الأبرزُ كانت سرعةَ إعلان نضوج «الطبخة».. نعم مفاجأةٌ بدليل ما يمكن أن يقرأه كلُّ متابعٍ من إشارات الهلع التي تستحكمُ بسلوك الساسة الأميركيّين، ومحاولات الاستدراك والتهدئة مع الصين، والتهدئةُ ليست من طباع «القراصنة» عادةً.
الحربُ الجديدةُ باتت اقتصاديّةَ الملامح والغايات، وهي كذلك منذ بداية الألفيّة الجديدة، لكن ما اختلف هو امتلاكُ الأدوات، أدواتٌ عنوانُها العريضُ تكنولوجيّ، وتفرّعاتها تنطوي على كلّ مسارات سباق السطوة أو على الأقل «توازن الرعب».. سباقٌ كانت فصولُه طويلةً وشاقّةً، والواضحُ أن الصينيَّ هو مَنْ سيتوّج به هذه المرّة، وهنا سيكون على العالم ترقّب ردود الفعل الأميركيّة، لأن الذئابَ الجريحة عادةً تغدو أكثرَ شراسةً.
ترقّبٌ يعتريه بعضُ القلق المشروع والواقعيِّ، لأن لدى الأميركي أدواته الفاعلة، لكنّ المفاجآت التي يُعلن عنها العملاقُ الصينيُّ تباعاً، على مستوى التسليح والتكنولوجيا الذكية والخرائط الجديدة للاستحواذ الاقتصادي، كفيلةٌ إلى حدٍّ كبيرٍ بالردع، وتالياً تبديد المخاوف، ولو نسبيّاً.
فالخيارُ الأوحدُ اليومَ أمام الأميركيّين هو الانكفاءُ بصمتٍ لتقليص ضجيج المتغيّر «القاهر» لهم، والعودة إلى سيناريوهاتٍ قديمة جرّبوها بعد كل إخفاقٍ من إخفاقاتهم الشهيرة والمتكررة في أكثر من مكانٍ، وهو خيارٌ مطروحٌ عبر تيارٍ ونسقٍ فكريٍّ وسياسيٍّ، وحتى عسكريٍّ، معروفٍ في الداخل هناك، ولاسيما أن استراتيجيّة القطب الجديد بزعامة الصين لا تقومُ على «القرصنة» و«العسكرة»، بعد أن تأكّد للجميع أن الحربَ الخرساء أشدُّ فتكاً.
تبقى صرعاتُ هوليوود ونمطُ حياة «الأكشن» ورقصات «الهيب هوب» وموسيقا «الروك»، خصوصيّةً أميركيّةً، لن ينازعَهم عليها أحدٌ.
لكنَّ دماءَ الشعوب ومصائرُها وأرزاقُها ومستقبلها هو ملكٌ لها – للشعوبِ ذاتها – ولن تُصانَ إلا بأدبيّاتٍ جديدةٍ، مهما تعدّدتْ، وتنوّعت، يبقى عنوانها السلام..المصطلحُ المُرعبُ لكل مَنْ طالما استثمروا في التوّتر والتوتير والتناقضاتِ والنزاعاتِ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار