المؤامرة الغربية الأكبر والأخطر داخل منظومة الغذاء الجديد المُعدل وراثياً.. أميركا بدأتها من منطقتنا لاستعباد الدول والشعوب زراعياً وبيئياً
تشرين – مها سلطان:
ربما لا يخطر في بال الأغلبية أن أزمة الغذاء العالمية وكل تلك التحذيرات التي تتعالى، لتتحول صراخاً في وقتنا الحالي، من مجاعات قادمة ستفتك بالدول والشعوب.. أن سبب هذه الأزمة هو «حرب البذور» التي تشنها شركات أميركية وأوروبية ضد العالم أجمع، وفي المقدمة منه منطقتنا العربية، سورية والعراق ومصر تحديداً.
«حرب البذور» كمصطلح متداول لم نسمع عنه أو حوله إلا منذ سنوات قليلة فقط، أصوات كانت تخرج بين الحين والآخر تنبه وتحذر وتدعو لأخذ الاحتياطات والتدابير للمواجهة المقبلة في ميدان البذور الذي سيفرض نفسه على الجميع دولاً وشعوباً نهاية هذه العشرية.. بعض دراسات ومقالات تنشر بصورة متفرقة في المجلات والدوريات المتخصصة، تضاعف من التنبيه والتحذير وتتحدث عن الأمن الغذائي المرتبط حتمياً بالسيادة الوطنية على البذور.. الأمن الغذائي هو الدعامة الأساسية لتحقيق القوة الاقتصادية.. والقوة الاقتصادية هي أساس استقلالية القرار الوطني حتى بالنسبة للدول الكبرى بما فيها الولايات المتحدة الأميركية نفسها.
تبسيطاً للمسألة نعرضها كمعادلة تقول: السيطرة على البذور تعني السيطرة على الغذاء، وعلى إمداداته، والسيطرة على الغذاء تعني بيعه مقابل الأمن والاستقلال والسيادة «وضمنها الثروات والموارد».. بمعنى آخر: معيار القوة هو الغذاء الذي هو في أساسه بذور، هذا يعني أن البذور هي معيار القوة، وفي عصرنا الحالي حيث العالم يتشكل من جديد فإن البذور هي معيار الهيمنة على العالم وهذا ما تستميت من أجله الولايات المتحدة، حتى إن حروبها منذ بدء هذه الألفية، من أفعانستان 2001 ثم إلى العراق 2003 إلى ما يسمى «الربيع العربي» ما هي إلّا حروب من أجل البذور، وعلى رأسها القمح، المحصول الاستراتيجي الذي يتربع من دون منازع على قمة الأمن الغذائي لأي دولة، وللعالم بشكل عام.
أزمة الغذاء العالمية هي في حقيقتها حرب بذور تشنها شركات احتكارية أميركية أوروبية
ضد العالم أجمع، منطقتنا خصوصاً.. سورية والعراق تحديداً
لنوضح أكثر بمثال هو الأحدث:
مع بدء العملية الروسية الخاصة في أوكرانيا في شباط من العام الماضي 2022 ومع تواليها شهراً بعد شهر، حتى الآن، من دون القدرة على تحديد فترة أو موعد محدد لنهايتها أو كيف ستنتهي.. بدأت مسألة حرب البذور تتوضح بصورة أكبر لناحية أطرافها وأهدافها ومخططاتها، والأخطر امتدادها الجغرافي، والغزوات الغربية التي شنت في إطارها، إلى جانب أنها ليست بالحرب الحديثة تاريخياً، أي حرب البذور، بل بدأت فعلياً على يد الولايات المتحدة الأميركية منذ سبعينيات القرن الماضي عبر شركة «مونسانتو» صانعة الموت حسب التسمية التي يعتمدها خبراء الزراعة والبيئة لهذه الشركة التي تنشر الموت والدمار الزراعي البيئي حول العالم من أجل تأمين عملية احتكار أميركية كاملة على سوق البذور العالمية.
أهم وأخطر ما كشفته الحرب الأوكرانية – حسب الخبراء – هو حرب البذور، عندما هددت شركات البذور الغربية وعلى رأسها شركة «باير» الألمانية – منذ الأيام الأولى لهذه الحرب – بوقف تزويد روسيا بالبذور، علماً أن روسيا من أكبر منتجي الحبوب في العالم.. وجميعنا شهد ولا يزال يشهد فصول أزمة توريدات القمح العالمية التي اندلعت مع بدء الحرب الأوكرانية، ليتم من خلالها توسيع الاتهامات لروسيا بالمسؤولية عن استفحال أزمة الغذاء العالمية، وفرض مزيد من العقوبات الجائرة بحقها وصولاً إلى تحويل حرب أوكرانيا إلى حرب تبعية ضد روسيا.. حرب البذور ضد روسيا وغيرها من الدول المستهدفة أميركياً وغربياً هي أخطر من كل ما يُقال حول أسلحة الدمار الشامل، والأسلحة الجرثومية، والحرب العالمية الثالثة للفوز بزعامة العالم… الخ.
بعض الخبراء يعود إلى أربعينيات القرن الماضي عندما وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 ليفرض سؤال الدولة القوية نفسه على الجميع، بمن فيهم القوى المنتصرة، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، ومع التأكيد على معادلات القوة العسكرية وأحلافها، كان سؤال القوة الاقتصادية حاضراً وبصورة ملحة بجوانبه المتعلقة بأساس القوة الاقتصادية المتسدامة، وفي هذا المجال كان سؤال الزراعة في المقدمة، ومن البدهيات أن أساس الزراعة هو البذور، لكن هذه البدهيات لم تكن موضع تركيز، أو لم يكن لأحد أن ينتبه لها أو يفهمها، لأن المخططات الأميركية – الغربية للسيطرة على ميدان البذور، كانت من الخبث والتلطي والتخفي لدرجة لم تكن لتنكشف بسهولة، ولم يكن لأحد أن يهتم بمسألة ربط خيوط مسار الحروب الأميركية الغربية مع بعضها البعض، أو فهم الاضطرابات والأزمات التي تندلع بدول محددة، في سياقها الصحيح وليس فقط في سياق الحروب العسكرية التي تعتمدها أميركا كأساس لإدامة هيمنتها العالمية.. وفيما العالم كان ولا يزال- ينشغل بتعزيز قوته العسكرية لمواجهة الولايات المتحدة الأميركية، تعمل هذه الأخيرة على حروب من نوع مختلف، حضّرت ميادينها منذ سبعينيات القرن الماضي، وفي غفلة عن العالم، وأطلقتها فعلياً بداية التسعينيات مع الحصار الأميركي على العراق.. فإذا ما تهاوت قوتها العسكرية العالمية لمصلحة القوة الاقتصادية الصينية المتحالفة عالمياً مع روسيا في تكتلات اقتصادية عملاقة «بريكس» و «أوبك+».. فإن قوتها في حرب البذور لن تكون قابلة للكسر أو للمواجهة حتى من قبل التحالف الصيني- الروسي.
السيطرة على البذور تعني السيطرة على الغذاء وهذه السيطرة تعني بيعه مقابل الأمن
والاستقلال والسيادة.. وعليه فإنّ الأمن الغذائي لأي دولة مرتبط حتمياً بسيادتها على بذورها
كيف بدأت حرب البذور؟
سبع شركات تسيطر على سوق البذار العالمية المُخصصة للزراعة، أربع منها أميركية، أشهرها: مونسانتو، بايونير، كورتيفا، دوبونت.. وفي أوروبا هناك ليماغران الفرنسية، وسانجانتان السويسرية، وباير الألمانية.
هذه الشركات السبع تمتلك 75% من البذور الزراعية في العالم حالياً، بمعدل 6 آلاف نوع من الحبوب (قمح، شعير، عدس، حمص، قطن، فاصولياء، فول الصويا…الخ). الأساس في حرب البذار يقوم على أمرين:
1- من ينتج أصنافاً نباتية جديدة
2- القيود التي تفرضها هذه الشركات التي تحتكر إنتاج الأصناف النباتية الجديدة، ثم تلزم المشترين بتوقيع اتفاقيات احتكارية تحظر عليهم حفظ البذور من محاصيلهم، سواء لأجل تبادلها، أو لأجل استخدامها في العام التالي.
ولضمان تنفيذ القيود، وتالياً ضمان عملية احتكار سوق البذور العالمية، عمدت هذه الشركات إلى عملية «عقمنة» البذور، ضمن ما يُسمى البذور المُعدلة وراثياً أو المُهندسة حيوياً، وفي حين أن التعديل والهندسة الوراثية هي مسألة باتت حتمية لضمان جودة البذار وإنتاجيتها العالية ونجاح عمليات حفظها لأطول فترة ممكنة، قد تمتد لعشرات السنين، أو لمئات السنين كما هو الحال في «قبو يوم القيامة».. فإنّ عملية العقمنة هي أساس حرب البذور، وهي ما بات متفقاً على تسميته بـ «عبودية البذار» التي تسعى الولايات المتحدة الأميركية إليها لاستبدال هيمنتها العسكرية على العالم بهيمنة اقتصادية – زراعية، ويبدو أنها قطعت أشواطاً واسعة فيها إذا ما أخذنا بالاعتبار أن أهم وأبرز الشركات العالمية المسيطرة على سوق البذور هي شركات أميركية.
كل حروب أميركا منذ بدء هذه الألفية هي حروب من أجل البذور وعلى رأسها القمح المحصول
الإستراتيجي الذي يتربع من دون منازع على قمة الأمن الغذائي لأي دولة
ما هي العقمنة وأين تكمن خطورتها، وكيف تكرّس الولايات المتحدة عبرها «عبودية البذور»؟
أساس حرب البذور هو «العقمنة».. والعقمنة هي جعل البذور صالحة لموسم زراعي واحد فقط، وجعل الأرض صالحة لمنتج زراعي واحد فقط، لأنه تم تعديل جيناتها لتحقيق هذا الهدف حصراً، أي جعلها عقيمة الإنتاج، أخطر من ذلك هو أن هذه البذور المعقمنة تفقد الأرض الزراعية صلاحيتها لمزروعات أخرى ما يُجبر المشترين والمزارعين على شراء البذور المعقمنة والاكتفاء بموسم واحد فقط .
إلى جانب ذلك عمدت الشركات الأميركية إلى التوسع الزراعي في بلدان عديدة، منها دول حليفة لها مثل أستراليا والهند وتركيا «وفي بلدان عربية أيضاً» وذلك عبر شراء أراض فيها أو الاستثمار في أراض زراعية لإنتاج البذور في هذه الدول، ثم شحنها إلى أميركا أو مراكز قريبة في دول مجاورة، حيث تجري عمليات عقمنة للبذور، بعدها يتم بيعها لدول العالم بأسعار مرتفعة جداً بزعم أنها معدّلة وراثياً بإنتاجية عالية جداً، بل إن الشركات الأميركية تعمد إلى استبدال البذور المحلية «الوطنية» بهذه البذور المعقمنة وبيعها لمزارعين لا يعرفون حقيقتها وخطورتها إلّا بعد فوات الأوان، ما يضطرهم إلى الشراء مجدداً من هذه البذور المعقمنة، موسماً بعد آخر، رغم أنها تشكل تهديداً مستقبلياً لأراضيهم الزراعية التي ستفقد مع مرور المواسم مناعتها «أي صلاحيتها» لمزروعات أخرى.
دول عدة تنبهت مؤخراً إلى خطورة ما تقوم به هذه الشركات الأميركية والأوروبية، فعمدت إلى إطلاق حملات ضدها، لعرض وتوضيح مخططاتها وأهدافها.
بدأت أميركا تحضير ميادين حرب البذور منذ سبعينيات القرن الماضي وأطلقتها فعلياً بداية
التسعينيات ضد منطقتنا العربية أولاً مع الحصار الشامل المدمر الذي فرضته على العراق
الشركات السبع – آنفة الذكر- ومن ورائها الولايات المتحدة الأميركية، تهدد الأمن الغذائي العالمي وتجعله مُرتهناً لها، وهي بلا شك في المرحلة القريبة المقبلة ستعلن عن أهدافها ومخططاتها.. وعن شروطها الاستعمارية إذا ما استطاعت الإمساك كلياً بسوق البذور العالمية لتحصل في مقابلها على ما تريد.
ولتحقيق هذا الهدف لا تكتفي أميركا بعقمنة البذور بل تعمد إلى سلسلة إجراءات منها:
– تسجيل ملكية إنتاج نوع معين من المنتجات الزراعية باسم شركاتها العاملة في مجال البذار المعدلة وراثياً، والمذكورة آنفاً.
– استخدام نفوذها في منظمة التجارة العالمية لاستصدار قرارات حصرية بالموافقة على منتجاتها الزراعية، وذلك بإلغاء تصنيف المنتجات الزراعية للدول الأخرى، إضافة إلى إلغاء الدعم الذي تقدمه الحكومات للمزارعين، وخفض التعريفات الجمركية أو إلغائها أو إلغاء نظام الكوتات بما يتوافق مع مصالح الشركات الأميركية.
– رفع دعاوى على جميع الدول التي تعمد إلى إنتاج بذور زراعية من غلاتها بدلاً من شراء البذور المعدلة وراثياً من عندها، بذريعة أن هذه البذور من أصول أميركية ولا يحق لمزارعي الدول الأخرى زراعتها تحت طائلة الملاحقة.
– إلزام الدول باتفاقية منظمة التجارة العالمية لتسويق المزروعات الأميركية من حبوب وخضار وفواكه، والتي تنص على إلغاء الرسوم الجمركية نهائياً على المنتجات الزراعية الأميركية المستوردة تحت تهديد المعاملة بالمثل.
– عمدت الشركات الأميركية إلى توظيف محققين يُطلق عليهم «شرطة البذور» لضمان خضوع المزارعين الذين وقعوا ضحايا لها، بشروطها الاحتكارية.
أهم وأخطر ما كشفته الحرب الأوكرانية هو حرب البذور عندما هددت شركات
البذور الغربية وعلى رأسها «باير» الألمانية بوقف تزويد روسيا بالبذور
ولمزيد من التوضيح والفهم لا بدّ من أن نعود قليلاً إلى البدايات..
أول ترخيص للبذور المعدلة وراثياً كان في عام 1979 لشركة «مونسانتو» الأميركية التي بدأت أعمالها منذ بدايات القرن الماضي في مجال إنتاج الكيماويات لتتحول في عقد السبعينيات إلى شركة خاصة بالبذور وتعديلاتها الجينية، حيث أطلقت ما يُعرف بـ «الثورة الخضراء» القائمة على المحاصيل المعدلة جينياً والترويج لها بزعم أنها قادرة على مقاومة الجفاف والآفات الزراعية وملوحة التربة… الخ، لكن الهدف الحقيقي لـ«مونسانتو» وأمثالها لاحقاً هو غزو الأسواق الهائلة والأفواه الجائعة في الدول النامية، واحتكار إنتاجها وتوزيعها عبر ما تسميه «حق الملكية الفكرية» العائد لها.
هذه الملكية الفكرية مكّنت تلك الشركات من رفض أي تدخل في إدارة أعمالها التجارية، وإجبار العالم على قبول أعمالها الاحتكارية.. حتى منظمة التجارة العالمية تأقلمت مع ذلك.
في كتابه «بذور الدمار.. الأجندة الخفية للمواد المعدلة جينياً» يقول الباحث الأميركي وليام انغداهل: «تتمثل الاستراتيجيات الواضحة لكبرى الشركات الأميركية التي تحتكر تجارة الحبوب، في إدخال البذور المعدلة وراثياً إلى كل ركن من أركان المعمورة مع إعطاء الأولوية للدول العاجزة على غرار إفريقيا والدول النامية».
لم تكتفِ هذه الشركات بعمليات الاحتكار فقط، بل هناك ما هو أخطر، فعلى سبيل المثال عمدت شركة «مونسانتو» على أن تكون بذورها قابلة للتطاير بفعل الرياح إلى مسافة 800 متر خلال 24 ساعة، وهو ما يشكل خطورة كبيرة على أي مزارع اختار الاستمرار في زراعة البذور التقليدية «الوطنية» لأن دخول البذور المعدلة جينياً إلى أرضه يعني تلوث محصوله عدة سنوات مقبلة، إضافة إلى خرقه ما يسمى «شروط براءة الاختراع» الخاصة بمونسانتو إذا قام هذا المزارع باستخراج بذور من أرضه لزراعتها في الموسم المقبل، كما أن «مونسانتو» تلاحق المزارع الذي توجد بذورها في أرضه «ولو بفعل التطاير» من دون حصوله عليها من الشركة نفسها ودفع الرسوم اللازمة لها وتوقيع اتفاقية ضمن خضوعه لشروطها.
أساس حرب البذور هو «العقمنة» التي تجعل البذور صالحة لموسم واحد.. والأرض لمنتج واحد
ولكن ما هي براءات الاختراع وكيف يتم إلزام المزارعين بها؟
براءات الاختراع هي الملكية الفكرية التي تمنح لهذه الشركات من قبل منظمة التجارة العالمية التي تطلب من الدول الأعضاء فيها أن يكون لديها شكل من أشكال التشريعات لحماية الأصناف النباتية، وتلبي الدول هذه المطلب من خلال الانضمام إلى ما يسمى الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة «upov» الذي يضع قيوداً على إنتاج البذور وبيعها وتبادلها.
ورغم زعم الاتحاد أنه لا يوجد إلزام قانوني بالانضمام إليه إلّا أن أميركا ودولاً أوروبية عدة تستخدم اتفاقيات التجارة الثنائية والإقليمية للضغط على الدول للانضمام إلى الاتحاد.
ويزعم الاتحاد أن القيود التي يفرضها على الدول والمزارعين هي لتشجيع الابتكار من خلال السماح للمنتجين بـ«احتكار مؤقت» للاستفادة من الأصناف النباتية الجديدة التي يطورونها بعيداً عن المنافسة، ولكن حقيقة الأمر أن هذا تسهيل لتلك الشركات للتحكم بسوق البذار العالمية والتسويق التجاري لمنتجاتها الزراعية.
بالمقابل فإن الدول أو المزارعين الذين هم خارج الاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة، والذين يطورون أصنافاً من البذور بغير المواصفات والمعايير التي تفرضها تلك الشركات، هؤلاء لا يتم الاعتراف ببذورهم أصلاً، وتالياً ممنوع عليهم تسويقها، أو تسويق المحاصيل الناتجة عنها، وحسب الخبراء الزراعيين فإن هذه القواعد الاحتكارية أدت إلى اختفاء 75% من أصناف المحاصيل الزراعية في العالم ما بين عامي 1900 و2000.
في سورية كانت لنا تجربة مع مؤامرة البذور الأميركية التي سقطت
مع رفضها من قبل المزارعين وتمسكهم بالبذور الوطنية
بقي أن نقول إننا في سورية كانت لنا تجربة مع مؤامرة البذور الأميركية، وذلك في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية حيث تتواجد قوات الاحتلال الأميركية.
في تشرين الأول 2022 وزع الاحتلال الأميركي على المزارعين في تلك المناطق بذور قمح غير صالحة للزراعة «3 آلاف طن» بسبب ارتفاع نسبة «الديدان الخيطية» التي وصلت إلى 40% حسب تحاليل مخبرية قامت بها وزارة الزراعة السورية، وهذه نسبة تشكل خطراً على الزراعة في المنطقة حيث تمتد أضرارها وتتفاقم مع مرور الوقت.
ولو أنه تمت زراعة هذه البذور لكانت النتيجة وباءً يدمر التربة والمحاصيل الزراعية لسنوات وسنوات، المزارعون في تلك المناطق أحبطوا المؤامرة الأميركية ضدهم وضد بلادهم عندما رفضوا البذور الأميركية، مؤكدين أنهم لا يريدون بديلاً عن البذور الوطنية.
هذا يعني بوضوح أن أميركا تستغل احتلالها لتلك المناطق لتدمير الزراعة فيها، وفي عموم سورية، خصوصاً زراعة القمح المحصول الاستراتيجي الأول في سورية التي هي تاريخياً مهد زراعة القمح و«الشعير».. وغير خافٍ على أحد أن محصول القمح يشهد تراجعاً، عاماً بعد عام، بسبب المحتل الأميركي وممارساته العسكرية والإرهابية عبر دعمه منظمات إرهابية ومجموعات انفصالية.. إلى جانب سرقته المحاصيل الزراعية في المنطقة، ولا ننسى دوره في عمليات حرق محاصيل القمح في إطار حرب التجويع والتفقير التي يمارسها ضد الشعب السوري.
سورية قبل الحرب الإرهابية عليها بداية عام 2011 كان لديها اكتفاء ذاتي من القمح مع إنتاج يتجاوز أربعة ملايين طن سنوياً، وقدرة على تصدير مليون ونصف مليون طن سنوياً.. وإلى جانب محاصيل الحبوب الأخرى فإنّ سورية استطاعت تحقيق أمن غذائي كان ركيزة أساسية في تحصين جبهتها الداخلية، وفي حماية أمنها واستقرارها وسيادتها واستقلالية قرارها الوطني، وحتى يتم إضعاف سورية كان لا بدّ من تدمير هذه الركيزة، لذلك فإنّ تواجد الاحتلال الأميركي في مناطق إنتاج الحبوب، كان وفق خطة دقيقة مدروسة، تتلخص في تدمير الدولة التي تنتج غذاءها بنفسها وتديره بنفسها، وهذا ما بات معروفاً للجميع.
اقرأ أيضا: