سورية.. الأبواب المفتوحة
تشرين- هبا علي أحمد:
هل كنّا بحاجة الزلزال لنرى العرب يتهافتون علينا؟.. أو ربما الأدق، هل كان العرب بحاجة لرؤية سورية منكوبة لتصحيح البوصلة والعودة في العلاقة معها إلى ما قبل الـ2011؟..هل كان الأشقاء العرب بحاجة إلى كل ما جرى ليدركوا أن الطريق إلى سورية كان وما زال معبّداً أمامهم ولهم، وأنهم بحاجة سورية كما حاجتها إليهم؟
لسنا في وارد «النبش» في الماضي، ولسنا في وارد نكء الجراح، فاليوم هو للمستقبل وللمضي قدماً سواء لدينا في الداخل أو على مستوى الخارج، ولاسيما الإقليم والعلاقات العربية- العربية، ومن منطلق الواقع فالمفروض أنه لاغنى لنا عن بعضنا، تجمعنا الجغرافيا والعروبة وتوحدنا القضايا، مصيرنا واحد وعدونا واحد، أما الأعداء الوهميون الذين ابتدعهم ذاك العدو فلا وجود لهم، حتى الحدود هي حدود وهمية، موجودة جغرافياً نعم، لكن روابط التاريخ والثقافة واللغة العربية والديانات السماوية تتجاوز كل الحدود، وأقوى من كل الخلافات والاختلافات.. قد تزول تلك الخلافات لكن تلك الروابط لا يمكن إزالتها أو التنكر لها أو تجاهلها.
مصر، ليبيا، سلطنة عُمان، لبنان، العراق، الإمارات، الأردن، الجزائر، وربما قريباً السعودية، وكل العرب، في بيتهم السوري وبين أهلهم، بعد قطيعة طويلة مع البعض، وتواصل خجول مع البعض الآخر، في حين كان هناك العديد من الدول حافظت على متانة العلاقة مع دمشق.. كل العرب في بيتهم وفي مكانهم المناسب.
نحن في المرحلة الأهم لفتح فصل جديد في العلاقات العربية- العربية.. لاغنى لنا عن بعضنا، تجمعنا العروبة وتوحدنا القضايا والمصير الواحد
فصل جديد من العلاقة يُفتح بين دمشق والدول العربية، ونقطة تحول من شأنها كسر مسار الجمود الذي سار لفترة ليست بالقصيرة، وبما يشكل خريطة طريق استراتيجية لتطبيع العلاقات وبنائها على أسس متينة وتوجيهها نحو مساراتها الصحيحة، وفي مرحلة لاحقة لمّ الشمل العربي بما يخدم القضايا المشتركة ويصب في خدمة الشعوب العربية.
بتتبع مسار العلاقات السورية – العربية على مدار السنوات الماضية، والتطورات الراهنة التي تشهدها، فمن الطبيعي أن تواجه هذه التطورات بالكثير من المعرقلات، ولاسيما أن الدول الغربية والولايات المتحدة الأمريكية كان لها عملها السيئ الصيت في الشقاق العربي – السوري، وما زال، لذلك من الطبيعي أن يُثار الشك والتشكيك وأن تبرز أبواق لتتحدث عن شروط لإعادة بعض الدول العربية لعلاقاتها مع دمشق، وعن فتور في علاقات بعض الدول العربية الأخرى.
هذه المرحلة المهمة للجميع تستوجب عدم الاستماع لما يُثار، فهو حتماً يدخل في سياق الحديث الإعلامي لإثارة الغبار حول ما يتم على الأرض السورية، والأكثر من ذلك أن من يعرف سورية شعباً وقيادة، يدرك أنه لا يمكن إملاء الشروط عليها، ولا يمكن أن ينتظر منها أن تتنازل أياً كانت الأسباب.. سورية تفتح أبوابها للجميع من دون شروط لها أو عليها.
نحن أمام فرصة للجميع، صنعها الزلزال نعم، وبما نضطر معه للقول «رُبّ ضارة نافعة».. هي فرصة ذهبية أمام الدول العربية لتصحيح أخطاء ماضية ولرؤية سورية إلى جانبهم في مقعدها في جامعة الدول العربية، وعندها يمكن البناء على تلك الجامعة.
أقرأ أيضاً: