وما زال الأمريكي يشرعن الإرهاب
تشرين- د. محمد سيد أحمد:
لم تحد بوصلتنا يوماً منذ بدء الحرب الكونية على سورية العربية، ولم يغب وعينا، ولم نتأثر بالآلة الإعلامية الجهنمية الجبارة التي يستخدمها العدو الأمريكي، لتزييف وعي الرأي العام العالمي بحقيقة ما يحدث على الأرض العربية السورية، وكنا منذ اللحظة الأولى في طليعة من حذر أهالينا في سورية أولاً، ثم الرأي العام العربي ثانياً، ثم الرأي العام العالمي ثالثاً، بأن ما يحدث على الأرض العربية السورية هو مؤامرة كبرى يقودها العدو الأمريكي، في محاولة لتركيع سورية العربية، الحصن الأمين للمشروع القومي العروبي المقاوم، والتي وقفت في وجه كل المشاريع الاستعمارية، وفي مقدمتها المشروع الصهيوني المدعوم أمريكياً، ففي الوقت الذي وقعت فيه العديد من البلدان العربية اتفاقيات تطبيع مع الكيان الإسرائيلي برعاية أمريكية، رفضت سورية العربية ذلك، وعندما دخل القائد المؤسس حافظ الأسد مفاوضات غير مباشرة مع هذا العدو في العقد الأخير من القرن العشرين رفض التفريط في شبر واحد من الأرض العربية السورية، وفضل أن يورث شعبه قضية يناضل من أجلها عن أن يورثهم سلاماً مُذلاً مع هذا العدو، وعندما جاء من بعده الرئيس البطل بشار الأسد سار على نهجه المقاوم للعدو الصهيوني، وعندما فشلت أمريكا في استمالة الرئيس الأسد والتأثير في قراره السياسي الوطني والقومي، قررت الدخول في هذه الحرب الكونية التي دخلت الآن عامها الثاني عشر.
واشنطن تريد ممارسة عدوان جديد على سورية عبر ما تسميه تخفيف العقوبات وبما ينتقص من سيادتها وقرارها الوطني
وبدأت الولايات المتحدة المعركة بطريقة غير مباشرة أولاً، وذلك عن طريق الوكلاء الإرهابيين فقد قامت بتجنيد الجماعات التكفيرية الإرهابية التي تعمل تحت رعايتها تاريخياً، وساعدتهم في الدخول للأرض العربية السورية عبر وكلائها من الأنظمة المتاخمة للحدود العربية السورية، وبالفعل تم جلب آلاف الإرهابيين من كل أصقاع الأرض لخوض حرب شوارع وعصابات في مواجهة جيشنا الأول ( الجيش العربي السوري) حماة الديار، في معركة يعلم الأمريكي جيداً أنها لن تكون في صالح جيشنا النظامي فقد هزم الجيش الأمريكي بقواته النظامية في فيتنام ثم أفغانستان ثم العراق في مثل هذا النوع من الحروب، لكن خاب ظن العدو الأمريكي حيث نجح الجيش العربي السوري في مواجهة جحافل الإرهاب وتمكن من تجفيف منابع الإرهاب على أغلب الجغرافيا العربية السورية، في معركة سوف تدرس في كبرى الأكاديميات العسكرية العالمية، ومع فشل الوكلاء الإرهابيين على الأرض حاول الأمريكي تجنيد بعض القوى الداخلية الخائنة والعميلة والتي باعت وطنها لصالح العدو الأمريكي، ولم يكتفِ العدو بذلك بل قام بإدخال قواته العسكرية ليحتل بعض الأراضي العربية السورية ويفرض سيطرته على بعض الموارد الاقتصادية المهمة للدولة العربية السورية وفي مقدمتها مصادر الطاقة، وقام بفرض حصار اقتصادي رهيب وفرض عقوبات اقتصادية ظالمة.
وقاومت الدولة العربية السورية شعباً وجيشاً وقيادة كل هذا الظلم ولم تستسلم للعدو الأمريكي، وجاء الزلزال المدوي خلال هذا الأسبوع والذي يعد كارثة إنسانية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، ووجدنا العالم يتعاطف مع تركيا، في الوقت الذي لم نجد تعاطفاً مماثلاً مع سورية العربية، ورغم أن المنظمات الدولية كالت بمكيالين ضاربة بحقوق الإنسان عرض الحائط إلا أن العدو الأمريكي أستغل الكارثة الطبيعية لممارسة عدوان جديد على الدولة العربية السورية، ففي الوقت الذي قرر «تخفيف» العقوبات الاقتصادية على سورية، والسماح بإرسال المساعدات والتمويلات، إلا أنه قرر أن لا يكون ذلك عن طريق الدولة العربية السورية، بل عن طريق ما يسميهم بـ«الشركاء على الأرض» وهم الإرهابيون والخونة والعملاء، وبذلك يشرعن الأمريكي الإرهاب على الأرض العربية السورية، ولم يكتفِ العدو الأمريكي بذلك بل يطالب الدولة العربية السورية وحكومتها الوطنية بفتح كل المعابر أمام المساعدات والفرق التي ستأتي، والعدو بذلك يقوم بإلغاء دور الدولة الوطنية، ويحاول أن يرسل رسالة للرأي العام الداخلي والخارجي أن الدولة ترفض المساعدات، لكن الشعب العربي السوري على وعي تام بالمخططات الأمريكية العدوانية ولن يقبل بالتفريط في سيادته الوطنية التي خاض من أجلها كل هذه الحرب، ولن يسمح للعدو الأمريكي باستغلال الكارثة الجديدة ليشرعن الإرهاب الذي انتصر عليه جيشنا العربي السوري، وقدم آلاف الشهداء من فلذات أكباد الوطن، فلتذهب المساعدات الأمريكية للجحيم، ويبقى الوطن حراً ومقاوماً ومنتصراً.. اللهم بلغت اللهم فاشهد.
كاتب من مصر
أقرأ أيضاً: