«تحول إعلامي» أميركي: نعم..عقوباتنا تقتل السوريين
تشرين- د. رحيم هادي الشمخي:
من يراقب الإعلام الأميركي خلال الأيام الثلاثة الماضية يلمس تحولاً من نوع ما، أحدثه الزلزال الذي ضرب سورية فجر الاثنين الماضي، وخصوصاً أن منكوبي الزلزال من السوريين، والسوريون عموماً، هم في وضع أقل ما يُقال عنه بأنه كارثي، والسبب هو العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على سورية وترفض رفعها حتى في ظل الكارثة الإنسانية التي ألمت بالسوريين.
موقع «Responsible State Craft» شكك في ضرورة استمرار العقوبات والتي باتت تفاقم معاناة السوريين حتى من قبل كارثة الزلزال، معتبراً أن «تفعيل الحالة الإنسانية سيتطلب من واشنطن الاعتراف بإفلاس العقوبات الشاملة». وأشار الموقع الأميركي إلى أنه عقب الزلزال المدمر الذي ضرب سورية وتركيا سارعت الولايات المتحدة وعشرات الدول إلى تقديم المساعدة لتركيا بما في ذلك نشر فرق للمساعدة في إنقاذ الذين ما زالوا محاصرين تحت الأنقاض.. لكن هذه الفرق كان ممنوعاً عليها مساعدة سورية.
وأضاف الموقع: يمكن للولايات المتحدة إجراء تغييرات مهمة وبناءة في سياساتها الخاصة، ولا سيما أن العقوبات على سورية، قبل الزلزال، كانت تعرقل جهود إعادة الإعمار وتفاقم معاناة السوريين.. اليوم هذه العقوبات نفسها تشكل عقبة خطرة أمام إغاثة السوريين من منكوبي الزلزال. ويؤكد الموقع أنه يجب على الولايات المتحدة التحرك بسرعة لرفع أكبر عدد ممكن من عقوباتها حتى تتمكن وكالات الإغاثة والدول الأخرى في المنطقة من العمل بشكل أكثر فاعلية على مساعدة الشعب السوري في محنته.
تخفيف العقوبات ليس هو الدواء الشافي ولن يخفف من معاناة الشعب السوري..
واعتبر الموقع أن «واشنطن متردّدة في فعل أيّ شيء قد يلمّح إلى تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، بعد أكثر من عقد من العداء»، مؤكداً أنه «يتوجب على واشنطن أن تكون مستعدة لمراعاة الظروف الاستثنائية، عندما تكون الاحتياجات الإنسانية شديدة للغاية، ومن الأمور السيئة جداً لإدارة بايدن الاستمرار في خنق الأبرياء فقط من أجل التصرف بالنكاية مع حكومة دمشق»
وأوضح الموقع أنّ «تخفيف العقوبات في حدّ ذاته ليس الدواء الشافي، ولن يخفف من معاناة الشعب السوري، لكنه سيزيل عقبة رئيسية واحدة أمام الإغاثة والتعافي وإعادة الإعمار في الأشهر والسنوات المقبلة».
أما صحيفة «نيويورك تايمز» فقد تراجعت عن إقرارها بأن العقوبات الأميركية هي ما يمنع الدول من مساعدة سورية، وذلك بعد ساعتين من نشرها تقريراً موسعاً تحدثت فيه عن معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا وكيف أن سورية غير قادرة على تلقي مساعدات مباشرة من الدول بسبب العقوبات.
الصحيفة الأميركية عمدت إلى تغيير هذا الكلام بتقرير لاحق حمّلت فيه الحكومة السورية مسؤولية عرقلة المساعدات بزعم أنها تسيطر على المساعدات ولا تسمح بدخولها إلى المناطق التي تسيطر عليها «المعارضة». وتذرعت لتسويغ هذا التقرير بالقول إن معلومات استجدت واقتضت ذلك دون أن تكشف ما هي هذه المعلومات.
صحيفة «ذا أتلانتيك» اعتبرت أن «كارثة الزلزال في سورية تشكل تذكيراً بمدى حاجة الشعب السوري الماسة للمساعدة الدولية حتى لو كان من الصعب تقديمها» مؤكدة أن العقوبات تعقد وصول المساعدات. وأشارت الصحيفة الأميركية إلى تدفق المساعدات إلى تركيا وحرمان منكوبي سورية منها، في مفارقة قاسية جداً حسب تعبيرها.
وأشار تقرير لموقع «بيبول ديسباتش» إلى مسألة تقديم أميركا وحلفائها المساعدات لتركيا، ورفض فعل المثل مع سورية. ونقل الموقع عن اللجنة الأميركية العربية لمكافحة التمييز (ADC) أنّ «العقوبات الأميركية الحالية تقيّد بشدة المساعدات المقدمة لملايين السوريين» وأنها «طلبت من الحكومة الأميركية رفع العقوبات المفروضة عليها لأن ذلك سيفتح الأبواب أمام مساعدات إضافية وتكميلية من شأنها توفير الإغاثة الفورية للمحتاجين».
بدورها صحيفة «وول ستريت جورنال» عرضت للمشهد المأساوي بعد زلزال يوم الاثنين المدمر وخاصة في سورية، مشيرة إلى الإحباط الذي يرافق الجميع مع تعثر المساعدات وتضاؤل الآمال بإنقاذ من لا يزالون عالقين تحت الأنقاض بفعل ضعف الإمكانيات والتجيهزات. وعرضت الصحيفة للفرق ما بين تركيا وسورية في موضوع المساعدات وكيف أن سورية تواجه تحديات أكبر بسبب العقوبات الأميركية. وانتقدت التعامل الأميركي المزدوج مع تركيا وسورية، والذي يحرم الضحايا السوريين من المساعدات الضرورية.
كاتب من العراق
أقرأ أيضاً:
مأساة سورية.. استثمار للكارثة وفرصة لذرف الدموع والتقاط الصور التذكارية