بصمةٌ لدرءِ «الوَصمة»

«الآباء يأكلون الحصرم والأبناء يضرسون».. ليست قاعدةً غير قابلة للكسر، لكن قد يكون الإيحاءُ فَعلَ فِعله، وقادنا عبر التاريخ المديد للتماهي معها عنوة كمن يباغت المرضَ قبل أن يباغته.
الواقع أن في السيرة الذاتية غيرِ المعلنة لمجتمعنا أو حنايا الزوايا المعتمة منه، حكايا مسكوتاً عنها تشبه الوصمةَ ولو لم نتفرد بها، من أخطرها، بل أخطرها ربما، ظاهرة الأطفال مجهولي النسب، وهي ظاهرةٌ قديمةٌ يجري تداول معطياتها همساً دون أن نمتلك الجرأة الكافية لبلورة إطار تشريعي يتخطى حالة الانكفاء وراء أعراف واعتبارات تبقى جانبية بغض النظر عن صوابيتها أو خطئها.
اليوم وعلى مرّ سنوات الحرب على بلدنا، وصلنا إلى وقائعَ وأرقامٍ صعبة في المضمار الخاص بأطفال يرزحون تحت وطأة وضعٍ استثنائيٍ بالمطلق، وهذه نتيجة تقليدية وطبيعية في المجتمعات التي تعتريها حروب طويلة الأمد.. لكن غير الطبيعي بل والارتكاس المتعمد أن تُتركَ الظاهرة دون علاج.
لايهمنا – نحن في سورية – كيف تم التعاطي مع الظاهرة لدى من واجهتهم في هذا العالم، لكن يهمنا كثيراً أن نعرف كيف سنخفف ونقلل من آثارها القاسية على المجتمع وعلى جيل غير قليلِ العدد من الأطفال المعنيين بها..
نجحنا أوخَطونا الخطوة الأولى والأهم باتجاه تبديد القلق الصامت على مستقبل البنية المجتمعية في بلدنا، أمام “عاصفة هواجس” حرّكتها سنوات الأزمة.. فالمرسوم رقم اثنان اجترح رؤية واضحة.. إنسانية واستراتيجية بعيدة المدى.. لحل مشكلة قديمة، أقدم بكثير من عمر الحرب، رؤية تضمن نزع فتيل أزمة وأزمات تترصدنا تباعاً بعد سنوات.
وهذا هو دور الدولة.. مسؤولية الدولة.. سيادة الدولة..التي تملي شجاعة غير تقليدية لرجل الدولة في مقاربة القضايا الوطنية برؤية استراتيجية شمولية عابرة للعواطف والمواقف المجتزأة والجانبية، رؤية دولة وموقف دولة لا أفراد و لا أمزجة متقلبة.
في حنايا مرسوم السيد الرئيس حلّ لكل حيثية كنا نظنها معقدة في ملف مجهولي النسب الشائك فعلاً..
وفي المؤسسات الراقية التي ترعاها السيدة الأولى، مايطمئن كل قَلِق على مصيرِ طيفٍ واسعٍ من أطفال هذا البلد، الذي صمد في وجه الحصار الخانق ومحاولات التجويع بخاصيّة التراحم والتعاضد والتكافل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار