لم يكتفِ الغرب بكمّ الأكاذيب الهائل الذي ساقه ضد روسيا «بعد قيامها بالعملية الخاصة في أوكرانيا» من حيث اتهامها بأنها لا تفعل أيّ شيء في مواجهة النازيين الأوكرانيين سوى قتل المدنيين واستهداف المنازل ورياض الأطفال والمدارس والمستشفيات، بل إنه أعلن بشكل سافر أن جميع الاتفاقات، التي أبرمها مع روسيا بشأن أوكرانيا قبل «العملية الخاصة»، كانت من أجل كسب الوقت لتسليح الأوكرانيين وتدريبهم على الأسلحة الغربية لمواجهة روسيا، حسبما أعلنت عنه المستشارة الألمانية السابقة «أنجيلا ميركل» مؤخراً.
هذا الغرب المخادع، الذي لم يخجل يوماً من كذبه وخداعه وتضليله الذي يسوّقه دائماً تحت مصطلح «البراغماتية»، أسقط عنه كل الأقنعة التي تدّعي الصداقة والمصالح المشتركة وحسن الجوار وعدم الاعتداء، وأعلن بكل وقاحة، بعد حثّ قادة أوكرانيا النازيين على دخول الحرب مع روسيا، أنه يريد أن يلحق بهذه الأخيرة هزيمة إستراتيجية، أي بالمعنى الحرفي للكلمة، إزالة روسيا عن المسرح العالمي كقوة عظمى لها دور رئيس في النظام العالمي الجديد.
أساليب الشيطنة الغربية والأمريكية لا تعرف حدّاً ولا نهاية، بل إن لباسهم الشيطاني يُلبسونه لأعدائهم بمنتهى الذكاء والدهاء من خلال آلتهم الإعلامية العملاقة والعابرة للقارات، فحصارهم لوسائل إمداد الغذاء العالمي جيّروه ضد روسيا، كذلك التضخم غير المسبوق والارتفاع الجنوني بأسعار الطاقة وغيره وغيره مما يعانيه العالم حالياً.
لم يبقَ لهذا الغرب سوى الثقافة والتراث حتى يتلاعب بهما، فقد تفتقت عقليتهم الشيطانية أخيراً عن التحذير، وبالتواطؤ مع الأمانة العامة لليونيسكو، من أن وسط أوديسا التاريخي معرّض للخطر، وقد أدرجوه في قائمة التراث العالمي لاتهام روسيا أيضاً بأنها ليست مُهدِّدة «لشعوب العالم الحر» – حسب زعمهم- بل تهدد التراث العالمي برمته.
لقد سيّس الغرب كل شيء لمصلحته، والعجب في ذلك أنه حتى هذه اللحظة يجد من يصدّق أكاذيبه، إما من باب الغباء المطلق أو من باب الخوف والنفاق، أو من البابين معاً، فمتى ستعلن الحقيقة؟.
هيثم صالح
36 المشاركات