التحالف الذي أقامته الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأوروبية لمواجهة العملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا دخل في مرحلة من التصدع بعد أن رفضت ألمانيا تزويد نظام كييف بالأسلحة الثقيلة وخاصة دبابات «ليوبارد» واشترطت أن تقوم واشنطن بإرسال الدبابات الأمريكية من نوع «امبرايز» أولاً الأمر الذي رفضته الولايات المتحدة تحت ذرائع غير مقنعة وهي أن هذه الدبابات معقدة وأن الجيش الأوكراني لا يجيد استخدامها، ما أشعل خلافاً حاداً بين الطرفين الأميركي والأوروبي ولاسيما الألماني الذي كشف أن الإدارة الأمريكية تريد أن تحارب ليس بالأموال الأوروبية واستنزاف ميزانيات الدول الأوروبية فحسب وإنما بالسلاح الأوروبي ايضاً.
ومع إصرار واشنطن على عدم إرسال دبابات من نوع «امبرايز» إلى أوكرانيا وإصرارها على إرسال الدبابات الألمانية تشعر الحكومات الأوروبية بأن الإدارة الأمريكية تريد أن تكون تكلفة الصراع الدائر في أوكرانيا من حساب الأوروبيين وألا تخسر شيئاً من ميزانياتها ولا من أسلحتها إلّا إذا كانت تدفع ثمنها الحكومات الأوروبية وبدأت تمارس ضغوطها على ألمانيا لإجبارها على إرسال الدبابات الألمانية وتزداد هذه الضغوط مع زيادة مطالبات الحكومة الأوكرانية للحصول على الدبابات الثقيلة المتطورة لتعديل ميزان القوى بعد خساراتها الكبرى على جبهات القتال مع روسيا.
وبدأت الدول الأوروبية تتذمر من استغلال الولايات المتحدة الأمريكية لها في الحرب الجارية في أوكرانيا سواء في شراء الأسلحة الأمريكية أم في فرض مبالغ طائلة تدفعها الحكومات الأوروبية للحكومة الأوكرانية، ما أثر في الميزانيات الأوروبية وألهب أسعار المواد والسلع ولاسيما ارتفاع أسعار الطاقة إلى أضعاف ما كانت عليها وأدى ذلك إلى موجة من الاحتجاجات عمت الدول الأوروبية من دون أن تتوقف ومن دون أن تجد العواصم الأوروبية حلّاً لمشكلة الطاقة التي استغلتها واشنطن لمضاعفة أسعار الطاقة الأمريكية المرسلة إلى أوروبا.
ومع استمرار الحرب في أوكرانيا يزداد تفكك الدول الأوروبية ويضعف تحالفها مع الولايات المتحدة الأمريكية وأضحت ترى أن أوكرانيا تشكل عبئاً ثقيلاً عليها ولاسيما في ضوء ازدياد الانكسارات العسكرية أمام القوات الروسية ومع هذا كله تمنع واشنطن المفاوضات وإيقاف الحرب على الرغم من الهزائم المتتالية بعد أن أضحت الحرب في أوكرانيا مشروعاً رابحاً لمصانع السلاح الأمريكي.
tu .saqr@ gmail.com
د.تركي صقر
90 المشاركات