العراق وسورية.. لقمة العيش واحدة

د. رحيم هادي الشمخي:
منذ فجر التاريخ في بلاد وادي الرافدين، العراق وسورية، شعب واحد في كل تفاصيل الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، حضارة واحدة ما بين سومر وماري وبابل وآشور، وكانت ولادة نبي الرحمة، إبراهيم عليه السلام، الذي ولد في مدينة «أور» جنوب العراق.
ورغم ظروف بلاد وادي الرافدين وما عانته من ويلات غزوات الطامعين، إلّا أن بغداد ودمشق ظلتا منارة للعلم والعلماء، يؤمهما من كل حدبٍ وصوب آلاف الوافدين لطلب العلم والرزق، حتى بزغت شمس الحرية والعدالة من هاتين العاصمتين العربيتين، فأصبحتا ملاذاً وخيمة كبرى لكل العرب رغم تصديهما لمؤامرات الإمبريالية العالمية والصهيونية.
وهذا ما يجعلنا نعيد حساباتنا الأخوية اليوم ما بين العراق وسورية، فالمؤامرة التي تديرها أكبر دوائر المال وحشية ضد سورية العربية تحتم على العراق، دولة وشعباً، الوقوف صفاً واحداً لنصرة الشعب العربي السوري الذي مازال يقاوم الحصار الجائر المفروض عليه من الامبريالية الأمريكية ودول الغرب الأوروبي، والغرض من ذلك تجويع هذا الشعب الكريم المعطاء وإخضاعه للمطالب الأمريكية والصهيونية، رغم أن شعبنا السوري مازال يعضّ على جراحه ويقاوم ببسالة الوجود الاحتلالي الأمريكي والتركي على أرض بلاده بكبرياء التحدي والبطولة السورية التي فاقت كل البطولات في العالم.
هي دعوة لأهلنا في العراق أن يقفوا مع شعبهم العربي السوري وإرسال كل العون، ففي العراق ثروة هائلة من النفط تطفو على سطح الأرض، وفي العراق تمر وأرز وحنطة وشعير، وكل خيرات الدنيا ما بين نهري دجلة والفرات، وبالتالي يجب أن يكون لإخواننا السوريين الصامدين نصيب من كل ذلك بحكم أخوة التاريخ والمصير المشترك وهم الذين يقارعون أكبر مؤامرة أمريكية عرفها الوطن العربي؟
لن ينسى العراق تلك الوقفة الشجاعة، التي وقفها الشعب العربي السوري إبان الغزو الأميركي عام 2003، حيث جعل السوريون صدورهم متاريس في جبهات القتال ضد العدو المحتل لأرض العراق، ولم ينسَ العراقي طوابير المساعدات التي وصلت إلى جميع المحافظات العراقية لفك الحصار الاقتصادي عن الشعب العراقي، وكلنا يعرف أن سورية وقفت إلى جانب العراق أرضاً وشعباً في أحلك الظروف وهي تعاني من ويلات أبناء العم الذين وقفوا إلى جانب العدو الأمريكي المحتل.
إن الواجب الوطني والقومي يحتّم علينا جميعاً في العراق أن نشدّ الأحزمة على البطون، ونعبر الحدود المصطنعة لنقدم كل المساعدات لإخوتنا في سورية، فلا حدود تمنعنا من تقديم العون المادي والمعنوي، ولسورية حقها في العراق، وللعراق حقه في سورية، وهذا ما أثبتته طبيعة الأرض والثقافة والعادات المشتركة والحضارة الواحدة والنضال العقائدي المشترك «فدمشق وبغداد درتا التاريخ العربي وأيقونتا فجر الحضارة».
أكاديمي وكاتب عراقي

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار