يقترب الصراع في أوكرانيا من الدخول في عامه الثاني من دون أن يحقق التحالف الدولي الذي شكلته الولايات المتحدة الأمريكية مع الدول الأوروبية ضد روسيا النتائج المرجوة على الصعيد السياسي أو العسكري أو الاقتصادي، وقابلت واشنطن هذا الإخفاق المتزايد بضخ المزيد من الأسلحة والأموال إلى حكومة زيلينسكي من جيوب الأوروبيين، وانتقلت الحكومات الأوروبية في فرنسا وألمانيا وبريطانيا إلى تزويد الجيش الأوكراني بالأسلحة الثقيلة كالدبابات والمدرعات والصواريخ بعيدة المدى، بعد أن فشلت الأسلحة الأخرى في تغيير سير المعارك ومجرى العمليات.
فعلى الصعيد السياسي أخفقت واشنطن في عزل موسكو على الصعيد الدولي، حيث تعززت علاقات روسيا مع مختلف دول العالم بعد العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا كالصين والهند والدول الإفريقية ودول أمريكا اللاتينية على عكس ما توقعته إدارة بايدن، التي فشلت في تحريض تلك الدول على روسيا وقطع العلاقات معها، كما فعلت الحكومات الأوروبية التي انصاعت لإرادة الإدارة الأمريكية في قطع العلاقات مع موسكو وفرض أقصى العقوبات عليها.
وعلى الصعيد العسكري، لم يستطع تزويد نظام كييف بأحدث أنواع الأسلحة الأوروبية والأمريكية وبكميات ضخمة وأكثر بكثير من قدرات الجيش الأوكراني أن يحدث تغييراً في سير المعارك والمواجهات، واستمرت العملية العسكرية الروسية وفق ما هو مرسوم لها، وفي الآونة الأخيرة حققت هذه العملية نتائج كبيرة في مختلف الميادين، ما دفع واشنطن إلى تكثيف عمليات التسليح العسكري منها ومن الدول الأوروبية، كمّاً ونوعاً، أملاً في تغيير معادلات الميدان العسكري.
وعلى الصعيد الاقتصادي، قامت الحسابات الأمريكية على أن روسيا لن تتحمل عواقب العقوبات التي فرضت عليها من أمريكا والحكومات الأوروبية، وأن الاقتصاد الروسي سينهار في غضون أشهر من تطبيق العقوبات الأوروبية والأمريكية التي تعدّت عشرة آلاف عقوبة، وشملت كل مناحي الحياة الاقتصادية، لكن هذه العقوبات لم تنل من الميزانيات الروسية، التي لم تصمد في وجه الحصار الأمريكي – الأوروبي، فحسب بل تجاوزته إلى مرحلة من النمو بلغ حداً تضاعفت معه الميزانيات الروسية نتيجة ارتفاعات كبيرة في أسعار النفط والغاز والفحم الحجري، ولم تجدِ ممارسة أنواع الضغوط كلها التي مورست على روسيا من الغرب، في تراجع موسكو عن أهدافها، وانقلب كل دعم وتسليح لنظام كييف إلى مزيد من الإخفاق على الصعيدين العسكري والاقتصادي، بينما بقيت روسيا ثابتة على أهدافها من العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وحققت حتى الآن نجاحات كبيرة.
tu.saqr@gamil.com
د.تركي صقر
90 المشاركات