تتطلع الصين إلى تأكيد مكانتها كقوة عظمى في عالم اليوم، حيث المخاض الدولي على أشده لتشكيل عالم متعدد الأقطاب، في ضوء الحرب الباردة الجديدة، بينما تمضي الولايات المتحدة في نهج الهيمنة وتطويق الدول، عبر إذكاء التوترات، وإقامة التحالفات الوظيفية. لهذا الغرض تعمل واشنطن لبناء شبكة تحالفات، وبناء ما يُسمى «ناتو آسيوي».
يأتي هذا إثر التنافس المحتدم بين واشنطن وبكين، وتراجع القوة العسكرية الأمريكية لصالح بكين في المنطقة خلال الفترة الأخيرة. وحسب صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، فإن آسيا وأوروبا تتطلعان إلى شبكة أوسع من التعاون، والعمل الجماعي لمواجهة الصين.
يمكن قراءة هذا التحرك الأمريكي، بمثابة ملاقاة لرغبة بعض الدول الآسيوية التي تعتمد على القوة العسكرية الأمريكية، وتأكيد هذه الدول على أن الحماية الأمريكية «لم تعد كافية الآن من أجل ازدهارها».
وفي إطار التسخين نفسه، عمد جيران الصين، بدفع من الولايات المتحدة ومساعدة من أوروبا، لبناء شبكة من العلاقات الأمـنية الإقليمية بغاية مشابهة لهدف منظمة حلف شمال الأطلسي.
مثل هذه الشراكة، من شأنها زيادة التوترات مع بكين بشكل كبير، بل أكثر من ذلك زيادة استعدائها عبر زعزعة استقرار المنطقة برمتها.
وتهدف دول مثل اليابان وأستراليا وكوريا الجنوبية والفلبين، إلى إظهار استعداد عسكري أكبر. وفي هذا السياق يمكن فهم الاجتماع الذي عقد في واشنطن، مؤخراً، عندما ناقش كبار قادة الحكومتين الأمريكية واليابانية تعميق التعاون الأمني مع الدول الآسيوية والأوروبية.
لقد أظهرت الحرب في أوكرانيا، وفق الفهم الأمريكي، أهمية التحالفات العـسكرية الواسعة، لذلك راحت واشنطن تعمل لاذكاء التوتر في حدائق بكين الخلفية، والعزف على وتر تايوان، لكن الصين أدركت الرسالة، وليست بعيدة عن هذا الفهم، وأهدافه الأمريكية والإقليمية، لذلك تعمل على التمسك بمبادئها، وتطوير قدراتها، بالإضافة إلى إعادة تنظيم الجيش لخوض «صراع إقليمي محتمل» بشكل أفضل. كما طوّرت بكين قوات النخبة، على غرار ســـلاح مشاة البحرية الأمريكية الـ«مارينز».
وحسب خبراء فإن الولايات المتحدة، لا تستطيع القيام بمهمة الردع بمفردها، لذا فإن الطريقة الحقيقية الوحيدة للقيام بذلك هي مع حلفائها، عبر إقامة علاقات فردية مع بعض الدول الآسيوية التي تركز على مصالح محددة، بما في ذلك الأمن، وهذا هو السبب في أن الصين ستبقى، على الأرجح في موقع القوة، في السنوات المقبلة، حيث لديها الموارد والإرادة السياسية لمتابعة أجندتها، والتركيز على التأثير الاقتصادي الفعال في العالم، وترك النشاط العسكري، والمعارك الخلبية المزعومة لمكافحة الإرهاب.. للآخرين.
شوكت ابو فخر
40 المشاركات