فيلمٌ تركيٌّ طويلٌ

بلا «شبيك ولا لبيك»، تحوّلت دمشقُ فجأةً إلى «فانوسٍ سحريّ» مفترض، وإلى هدف تثقيلٍ ملحٍّ في السباق المحموم بين القوى الطامحة إلى السلطة في تركيا.

اليوم، ثمةُ مجرياتٌ دراماتيكيّة تدور فوق الطاولات، وعلى الأغلب تحتها، عنوانُها العريضُ تدافعُ الأوراق «الغثّ منها والسمين» من الشمال باتجاه المضمار السوري، لإنجاز معجزة ترجيحٍ بالغة الضرورة في إدارة الملف الأكثر سخونةً، والذي يكوي أقطابَ بلد الجار المخاتل الذي طالما كان بوابةَ رياحٍ سامّة لفحت سورية.. سورية الجغرافيا والشعب.
ولعلّه من اللافت أن يكون المعبرُ التجاريُّ الرئيسُ مع الجانب التركي يحملُ اسمَ «باب الهوى» بدلالةٍ فيزيائيّة لا وجدانيّة، وطبعاً التسمية ليست هي ذاتها في تركيا .
ثمّةُ تقهقرٌ مثير وانكفاءٌ مغلّفٌ بالكثير من الريبة يهيمنان اليومَ على «ميكانيك» التعاطي التركيّ مع سورية، وثمة ما هو أشبهُ بـ «الاحتكام» لدمشق من أجل نيل «العلاوة» الانتخابية، أو ربما براءة ذمة من إخفاقاتٍ لم تعدُ قابلةً للترميم إلا بمساعدة العاصمة العصيّة التي صدّت، وصمدت أمام موجاتٍ متواترة من المكائد.
فمن الحناجر ذاتها، وكذلك الألسنُ والشفاه المتنطّعة بمفردات التهديد والتطاول على السيادة السورية، تتوالى خطاباتُ «خطب الودّ» المتدفقة نحو دمشق!! وأيدي التلويح  بالوعيد ذاتها تمتدُّ اليوم إلى سورية تنشدُ الودّ والمصافحة!!
فيا لها من كوميديا حالكة السواد!! يليقُ بالسوريين أمامها أن يُكثروا من الضحك حدّ القهقهة من طرافة المشهد في الداخل التركي، بكل مافيه من ارتباكٍ وتظاهرٍ بالندم حدّ الوصول إلى التضرّع للصفح.
إنّه تصعيدٌ مزمنٌ، ومن ثمّ تردّدٌ، فهرولةٌ نحو سورية، هذا هو ثالوثُ التخبّط بلكنةٍ طورانيّة مُرتجفة.
نعم.. الأتراكُ اليومَ في سباق هرولةٍ إلى سورية، بكلّ ما يعتري السباقات من فصول تعثّر وسقوطٍ وتعفّر بالتراب والطين ولهاثٍ للفوز بملامسة الجدار الدمشقيّ الصلب.
ويبدو أن أمام السوريين فسحةً لمتابعة «مونديال» جديدٍ ومسلّ، طويل بعض الشيء؛ فمداه ستة أشهرٍ قادمة، ستكونُ حافلةً بالإثارة.. فلنتفرّجْ.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار