انتهت انتخابات «الكنيست» الإسرائيلي، وعاد بنيامين نتنياهو مرة أخرى، عودة أعادت الأسئلة القديمة الجديدة، كيف أمكن «لزعيم حزب الليكود» واليمين الإسرائيلي، أن يضرب بقوة في الانتخابات الأخيرة، على الرغم من شبهات الفساد كلها التي تحوم حوله؟ بل كيف تمكن من تحجيم جميع منافسيه في اليمين، وقاد أجنحة هذا اليمين كلها من الوسط حتى التطرف فبات «زعيمه القوي»؟ أكثر من ذلك، ما السر في تمكّنه من ليّ ذراع ضباط جيش الاحتلال المتقاعدين الذين تكتلوا في قائمة أزرق– أبيض، فتجاوزهم مسجلاً سابقة في هذا المجال؟ أمّا الصوت العربي المتبعثر وقوائمه التي سجلت تراجعاً، فله حكاية أُخرى.
بداية وقبل الإجابة لابد من القول «إسرائيل»، بعد الانتخابات، بانت أكثر على حقيقتها، استعمارية واستيطانية ودينية وعنصرية وعدوانية، من دون براقع، وأكثر من أي فترة مضت.. وعلى الرغم من أن المشهد قد يتغير مع اكتمال فرز الأصوات، إلا أن النتائج الأولية أظهرت أن نتنياهو – الذي يُحاكم بتهم فساد، وبعد أقل من 18 شهراً على تركه السلطة، وقوله أيضاً إنه سينتظر النتائج الرسمية- بات مرة أخرى زعيم لكتلة من أربعة أحزاب قد تحصل على 67 مقعداً من مقاعد الكنيست البالغ عددها 120.
بعد هذه النتائج، وفي الظروف التي جرت فيها، وجب الكفّ عن الأوهام، وعن انتظار أي تغيير داخلي في كيان الاحتلال، فهو لن يحدث إلاّ عبر حركة في اتجاهين: ضغط فلسطيني عبر تفعيل نضال جدي ضد الاحتلال، وضغط دولي عبر حشد يستثمر السطوة الأخلاقية للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وحرية وقضية آخر احتلال في العالم.
وبموازاة ذلك، يجب العمل الجدي على إنهاء الانقسام الفلسطيني، ولاسيما أن نتنياهو يعتبر المحافظة على الانقسام وترسيخه حجر الزاوية في سعيه لتهميش قضية فلسطين، وتهشيم الحركة الوطنية الفلسطينية بتياراتها كافة.
وفي ظل غياب أي أفق لحل سياسي، وتحطيم حل الدولتين، لم يعد الإسرائيليون يؤمنون بإمكان التوصل إلى تسوية سياسية، وهكذا أصبح الظرف الإسرائيلي الداخلي مواتياً للشروع في ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية، سواء دفعة واحدة، أو على دفعات.
تتمثل إستراتيجية «اليمين» الإسرائيلي في الإبادة السياسية للفلسطينيين، وتحويل القضية إلى مسألة اقتصادية وإنسانية لا غير.
فقانون ما يسمى «القومية» والمخططات الجديدة يستهدفان الشعب الفلسطيني في أماكن وجوده كلها، والرد الفلسطيني يجب أن يكون موحداً، بداية بإنهاء الانقسام، وبحراك فلسطيني يشمل جميع أجزاء الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الضفة وغزة والشتات.
وإذا أرادت «إسرائيل» أن تعيد الصراع إلى المربع الأول، وإلى صراع وجود، فالرد العربي والفلسطيني لا يفيد إلاّ إذا انطلق وبقوة من المربع الأول، مربع الحقوق التاريخية المشروعة للشعب الفلسطيني كله، والنضال الموحد لهذا الشعب في أماكن وجوده كافة.. والعالم العربي يستطيع، إذا توفرت الإرادة، وهو الآن على المحك.
بمعنى تعزيز المقاومة بكل أشكالها، تعزيز قوة نهج المقاومة وقدرته على الصمود، وإفشال مخططات المتآمرين، فالشعب الفلسطيني لا يزال متمسكاً بالمقاومة سبيلاً لتحرير أرضه واستعادة مقدساته وبناء دولته، رغم التضحيات الجسام التي قدمها خلال عقود طويلة من الصراع مع العدو الصهيوني.
شوكت ابو فخر
40 المشاركات