خبير اقتصادي يقترح رعاية حكومية وتنظيماً لأسواق المستعمل بدلاً من المكافحة الشكلية و إجراءات ” رفع العتب”..
تشرين- آلاء هشام عقدة:
لفت الباحث الاقتصادي الدكتور باسل زينة، إلى أنه يمكن للأسواق الشعبية أن تلعب دوراً أفضل مستقبلاً إذا تم تبنيها من قبل المؤسسات الحكومية، من خلال توفير المكان المناسب لها وإلغاء رسوم شغل المكان وتخفيض الضرائب على المنتجين المحليين للسلع والبضائع المعروضة في هذه الأسواق، الأمر الذي يحسن من كم ونوع البضاعة المعروضة ويعمل على تخفيض أسعارها أكثر.
تنظيم
وأضاف زينة في تصريح لـ ” تشرين” أن الأسواق الشعبية التي تحتوي على مختلف أنواع التحف أو الأثاث والمفروشات المستعملة، مرّت بمرحلتين أساسيتين: مرحلة ما قبل الحرب حيث كان يرتاد هذه الأسواق كل فئات الشعب، الغني منهم والمتوسط والفقير، بسبب توفر كل أنواع البضائع وبجودة عالية أو متوسطة أو عادية وبسعر منخفض جداً عن المولات وذلك لانخفاض تكاليف عرض هذه البضائع من جهة وبسبب توفر القوة الشرائية من جهة أخرى..
ومرحلة ما بعد الحرب، خاصة بعد تفعيل ما يسمى ” قانون قيصر” محلياً وجائحة كورونا عالمياً، وما نتج عنهما من فروقات طبقية واضحة من جهة، ومن جهة أخرى تدني مستوى نوعية البضاعة المعروضة في هذه الأسواق، ومع ذلك أصبحت هذه الأسواق الملجأ الوحيد لذوي الدخل المحدود، ليس لأن بضاعتها جيدة والخيارات فيها كثيرة، بل لأنها تناسب القوة الشرائية لأغلب المواطنين.
وأشار على سبيل المثال إلى أن شراء براد من محل تجاري يكلف ما بين مليونين إلى ٨ ملايين ليرة حسب جودته، في حين يمكن شراؤه من السوق المستعمل بحدود مليون إلى مليون ونصف المليون إذا كان متوسط الجودة، أي إن سعره يكون أخفض من سعر السوق بحدود النصف على أقل تقدير.
رواج
تكتظ مواقع التواصل الاجتماعي بعروض تروّج لأنواع مختلفة من الأثاث كالسجاد والأدوات الكهربائية والتحف وغرف النوم والجلوس سواء كانت قطع الأثاث موجودة في محال لبيع الأدوات المستعملة أو في المنازل لدى أشخاص يرغبون في بيع مقتنياتهم بدوافع عدة إما رغبة في تجديد الأثاث، وإما للتخلص من أثاث ليسوا بحاجته، وإما لتأمين قوت يومهم في ظل غلاء المعيشة وعدم وجود مصدر رزق.
ويلاقي سوق الأدوات المستعملة رواجاً من أشخاص يبحثون عن الأدوات المستعملة لأن أسعارها أرخص من الأدوات الجديدة، حيث يوجد هناك أشخاص يستعدون للزواج يقومون بشراء الأثاث المستعمل بسبب غلاء سعر الأثاث الجديد.
زبائن
محمد، شاب يجهز منزله للزواج، يقول لـ”تشرين”: استأجرت منزلاً بسيطاً، واتفقت مع خطيبتي على شراء بعض الأثاث البسيط المستعمل، وقد وجدنا الكثير من الخيارات الجيدة وبأسعار أرخص من السوق، مضيفاً: لا أستطيع شراء براد جديد بمليوني ليرة، وغسالة بمليون ونصف المليون ليرة، وفرن غاز بمليون ليرة، مؤكداً أنه اشترى كل هذه الأدوات بمليونين و٤٠٠ ألف ليرة.
فيما قال أبو أمجد : إن سعر الأدوات المستعملة أرخص بكثير من الأدوات الجديدة، إلّا في بعض الأحيان يطلب البائع ثمناً مرتفعاً يعادل سعر الأدوات الجديدة، مضيفاً: شراء “المستعمل” يتطلب بحثاً طويلاً للظفر بالسعر الأرخص والقطعة الأجود.
بدوره، قال محمد صاحب محل لبيع الأدوات المستعملة في شارع أنطاكيا بمدينة اللاذقية لـ”تشرين”: أبيع الأجهزة الكهربائية المستعملة من غسالات وبرادات وأفران، حيث نفحص تلك الأجهزة قبل شرائها من الزبون، فالأدوات التي تحتاج صيانة نقوم بصيانتها والتي بحاجة لبخ نقوم بتجديدها وإصلاحها وإعادتها بشكل أقرب للجديد، ومن ثم نبيع تلك الأدوات بربح يختلف حسبما دفعناه على إصلاح كل قطعة.
أبو مالك أحد البائعين الذي عرض بيع عفش منزله عن طريق صفحات التواصل الاجتماعي، يقول: عرضت بيع أغراض منزلي عن طريق إحدى المسوقات المشهورات في المحافظة مقابل أن تحصل على عمولة ١٠% في حال بيع أي قطعة عن طريقها، وبالفعل تم بيع أغلب الأثاث بفترة زمنية بسيطة.
من جهتها، قالت ناديا إحدى المسوقات عبر الإنترنت: لدي صفحة على الإنترنت وفيها آلاف المتابعين للتسويق عبر الإنترنت، مصدر للرزق عن طريقي يتم بيع العديد من الأثاث ويختلف سعر الأدوات المنزلية باختلاف نوعها ومدى جودتها، وأضافت: البعض يرغب في البيع بسعر منخفض رغم أن القطعة تستحق سعراً أعلى والبعض يضع سعراً مرتفعاً لا تستحقه القطعة، الأمر يعود للتسعير حسب مزاج البائع .
واقعية باتجاه واحد
هي أسواق مفتوحة تتكامل مع وسائل التسويق الالكتروني وفرضت نفسها رغم كافة محاولات مكافحتها…لذا قد يكون من المفيد فعلا تنظيم هذه الأسواق وتنظيم التجارة الالكترونية وضبط كلا السوقين بما يخدم مصلحة المستهلك… ولاسيما أن سورية عرفت منذ عقود أسواق السيارات المستعملة وكانت منظمة وخاضعة للرقابة والضبط…فأن نغمض أعيننا عن وجود أسواق المستعمل و أن نجري حملات مكافحة بين الحين والآخر لنقول إننا رفعنا العتب…هذا ليس حلاً.