خطوة لازمة وليست خيارا.. استيراد بذور القطن مخرج آمن من مأزق الزيوت والأعلاف
*خبير زراعي: يجب دعم محاصيل مجدية أكثر اقتصادياً وغذائياً وعلفياً
رشا عيسى:
وصف الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش الموافقة على السماح باستيراد مادة بذور القطن الصناعي حتى نهاية عام 2023 بأنها تحقق أهمية مزدوجة ، أولا من حيث تلبية حاجة السوق المحلية من الزيوت النباتية المستخرجة من البذور ذات التكلفة المنخفضة بالنسبة للمستهلك المحلي، وثانيا، في تأمين جزء من حاجة الثروة الحيوانية ( قطعان الأبقار والماشية) من الأعلاف، مؤكدا في الوقت ذاته أن كسبة القطن لا يمكن أن تحل إطلاقا بديلا عن كسبة فول الصويا من حيث القيمة الغذائية والعلفية العالية.
وأوضح درويش ل”تشرين” أن توفر بذور القطن محليا كان مرهونا بشكل دائم بالمساحة المزروعة والإنتاج المتحصل عنها من محصول القطن لكونه من محاصيل الألياف الزراعية الاستراتيجية ذات الأهمية الاقتصادية الكبيرة، حيث كانت تتركز معظم زراعاته بشكل رئيسي في المناطق الشرقية (الحسكة، الرقة، دير الزور) ، وأجزاء من ريفي حلب وحماة.
وعدد درويش الأسباب والعوامل التي أدت إلى تقلص المساحات المزروعة و جعلت الإنتاج خجولا من محصول القطن على المستوى الوطني، وأبرزها الظروف الصعبة التي أوجدتها الحرب الإرهابية على بلدنا خلال السنوات الأخيرة ، اضافة إلى ندرة مياه الري حيث يعد محصولا مرويا، فضلا عن الاتجاه نحو استبدال زراعته بمحاصيل رئيسية أخرى ذات قيمة غذائية نحن بأمس الحاجة إليها في الوقت الراهن، كالمحاصيل النجيلية (القمح بشكل رئيسي) وبعض المحاصيل ذات القيمة التصنيعية العالية كالتبغ.
كما أن تدني الإنتاج أدى إلى قلة البذور الناتجة عن عمليات حلج المحصول، وفقا لدرويش، حيث إن ما كان ينتج محليا من بذور القطن يوجه بشكل رئيسي لإنتاج زيت بذور القطن، والكسبة الناتجة عن البذور تتولى المؤسسة العامة للأعلاف استلامها وتوزيعها بأسعار مدعومة كعلف للثروة الحيوانية الموجودة ( أبقار وماشية).
وتابع: إن بذور القطن تحوي نسبة ١٨-٢٠% من الزيت، ويتمتع هذا الزيت بقيمة غذائية جيدة يمكن استخدامه في عمليات طهي الطعام، فهو مصدر رخيص مقارنة بأنواع الزيوت النباتية الأخرى كزيت الزيتون وزيت الذرة الصفراء وعباد الشمس وفول الصويا، كما يمتاز هذا الزيت بغناه بالأحماض الدهنية المهمة للجسم كحمض ‘اللينوليك والبالميتيك والأوليك” وخلوه تقريبا من الكوليسترول، إلا أن استساغته للتغذية بالنسبة للمستهلك المحلي لا تقارن بغيره من الزيوت النباتية الأخرى.
وأضاف: يتمتع هذا الزيت بأهمية صناعية في تحضير بعض أنواع الصابون لاسيما السائل منه وغيره، وما يتبقى من نواتج البذور عن عمليات العصر مع ما تحويه من زيت (٦-٧ %) التي يطلق عليها بالكسبة يمكن أن تستخدم كعلف لقطعان الأبقار والماشية إلا أنها لا يمكن تكون بديلا عن كسبة فول الصويا ذات القيمة الغذائية العلفية العالية.
وأكد درويش أن كثيرا من دول العالم تعد منتجة ومصدرة لبذور القطن ، تأتي في طليعتها الهند والصين والولايات المتحدة الأميركية والبرازيل وأوزبكستان وتركيا وغيرها، أما عربيا فتأتي مصر والسودان في طليعة الدول المنتجة.
وجدد درويش التأكيد على أهمية التركيز على دعم الإنتاج الزراعي المحلي بزراعة محاصيل ذات قيمة غذائية، علفية، صناعية واقتصادية أكثر أهمية كفول الصويا والذرة الصفراء وعباد الشمس ، وأن تلحظ وزارة الزراعة أهمية دعم هذه المحاصيل في الخطط الزراعية اللاحقة لتقليل المستورد والاعتماد على الاكتفاء الذاتي.
وكان رئيس مجلس الوزراء المهندس حسين عرنوس قد وافق على توصية اللجنة الاقتصادية المتضمنة الموافقة على السماح باستيراد مادة بذور القطن الصناعي حتى نهاية عام 2023 شريطة الالتزام بالشروط الفنية الجديدة المعتمدة لدى وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي.