رغم أنها من جيب المستهلك.. تشجيع الاستثمار يفرض الاعتماد على ضريبة المبيعات.. وعضو في مجلس الشعب يستعرض عوائق تطبيق “الفوترة”

يسرى ديب
أصبحت معظم دول العالم تعتمد على ضريبة المبيعات أكثر من ضريبة الدخل، بعد توجه معظم الدول لتقديم تسهيلات ضريبية، وتبسيط التعامل مع المكلفين للتشجع على الاستثمار وجذب الأموال والمستثمرين سواء من خارج البلاد أو الحفاظ على الأموال الموجودة داخلها.
الخبير الاقتصادي حسين القاضي بين لـ”تشرين” أن ضريبة المبيعات بديل نوعي لتحسين عوائد المالية أكثر جدوى من الاعتماد على ضريبة الدخل، مشيراً إلى أنها تنتهي في الحلقة الأخيرة من جيب المستهلك، لكن ضبطها أسهل، وتحصيلها أكثر.
توجه عالمي
وقال القاضي: إن تقديم الإعفاءات الضريبية للمستثمرين سيؤدي إلى تراجع الموارد التي تحتاجها الدولة لتقديم الخدمات للمواطنين التي تتطور باستمرار في العالم، ومن هنا جاء التفكير بالذهاب إلى المستهلك ووضع ضريبة المبيعات التي تتسبب بزيادة سعر السلع.
عبر حلقات
يضيف القاضي: “ضريبة الإسمنت” مثلاً هي ضريبة مبيعات تفرض على مراحل تبدأ من أسعار المعمل المنتج إلى تاجر الجملة والمفرق وتنتهي عند المواطن، داعياً إلى أن يكون حسن النية هو الثقافة السائدة ليتم فرض الضرائب وتحصيلها، ولحل المشاكل الناجمة عنها، ولكن في المقابل يمكن للمكلف الضريبي أن يضبط بدقة قيمة إنتاج المعمل ومبيعاته، ويتمكن من تحديد قيمة المبيعات لكل حلقة، وبذلك تصبح مهمة الرقابة الضريبية أسهل، والتهرب الضريبي أقل.
وأشار القاضي إلى أن نسب التحصيل العالمية من ضرائب المبيعات كبيرة تصل في دولة مثل تركيا مثلاً إلى 69% والنمسا 66%..
بانتظار الفوترة
وكانت الحكومة قد أقرت الإطار العام والمنهجية لإنجاز منظومة فوترة إلكترونية وفق برنامج تنفيذي وزمني محدد، وذلك في محاولة لضبط الأسعار في كافة التعاملات التجارية والاقتصادية، وتقديم الخدمات وتحديد آليات التعامل بين المنتج ومقدم الخدمة والمستهلك.
عوائق عديدة
عضو لجنة الموازنة في مجلس الشعب زهير تيناوي بين لـ ” تشرين” أن هذا الإجراء يهدف إلى تحويل عملية إصدار الفواتير والإشعارات الورقية إلى عملية إلكترونية، تسمح بتبادل الفواتير والإشعارات المدينة والدائنة ومعالجتها بصيغة الكترونية منظمة بين البائع والمشتري بتنسيق إلكتروني متكامل.
وتساءل تيناوي فيما إذا كان بالإمكان تطبيق نظام الفوترة بهذه البساطة التي تطرحها الحكومة..؟
وأشار إلى وجود عوائق عديدة في تطبيق “الفوترة” منها: التكاليف الكبيرة غير المسجلة رسمياً التي يتكلفها التاجر لاستيراد أي مادة، إضافة إلى أن آلية تسديد قيمة البضاعة غير واضحة، وتغيرات سعر الصرف والبيانات الجمركية غير دقيقة.
وأضاف تيناوي: الحكومة وعدت منذ سنوات بأنها “ستطبق نظام (الفوترة والتسعير العادل) وسيكون ملزماً لجميع الفعاليات التجارية، مكافحة الفساد والمتلاعبين بالأسعار، وتحقيق استقرار في السوق، وشكّلت فريقاً مختصاً سيضع خلال شهرين معايير (شفافة) و(عادلة) للتسعير”، وسيقدم رؤية عن كيفية تنفيذ آلية “الفوترة”، وسيقود هذا التطبيق إلى “العدالة الضريبية”، وهو ما لم يُطبّق حتى اليوم.
وأشار إلى أن هذا يتطلب تشكيل فريق عمل من الوزارات ذات العلاقة لمتابعة تنفيذ البرنامج وتأمين متطلبات إنجاز المنظومة من النواحي اللوجستية والفنية والتقنية والبنى التحتية، ودراسة تعديل التشريعات الناظمة بما يتواءم مع متطلبات عمل الفوترة الإلكترونية بشكل شفاف ومرن, وإنجاز الترميز الوطني واعتماد الرقم الضريبي للمكلفين، وضمان تحقيق الترابط بين الجهات الحكومية المعنية والفعاليات الاقتصادية.
التنسيق بين الوزارات
وقال تيناوي: لتحقيق ذلك لابدّ من تأمين متطلبات نظام الفوترة والإجراءات التنفيذية ومراحل الإنجاز، حيث يجب التنسيق والتعاون من كافة الوزارات وجهات القطاع الخاص وتقديم كل ما يلزم لإنجاز المشروع والربط بشكل تدريجي مع نظام التحقق الإلكتروني من إصدار الفواتير المعتمد لدى الإدارة الضريبية بوزارة المالية، وذلك لتحقيق العدالة الضريبة.
قانونياً
وقد نص القانون رقم “8” لحماية المستهلك، على فرض عقوبة غرامة مالية بين 200 و400 ألف ليرة سورية، بحق بائع المفرق الذي يبيع مواد وسلعاً من دون حيازته فواتير لها، أو يمتنع عن إعطاء فاتورة للمستهلك، أو يعطيه فاتورة غير صحيحة.
بينما تصل العقوبة إلى الحبس لمدة شهر على الأقل وغرامة مالية قدرها 400 ألف ليرة سورية، إذا كان البائع يبيع بضاعته بالجملة أو نصف الجملة.
مكافحة التهرب الضريبي
ويعد نظام “الفوترة” إحدى الوسائل الفاعلة لمكافحة التهرب الضريبي، لأنها تظهر القيمة الحقيقية للسلعة أو الخدمة المبيعة، وتأتي أهمية الفاتورة بالنسبة إلى البائع، لكونها تثبت أن عملية البيع قد تمت، وتبيّن السعر أو المبلغ المستحق من المشتري.

وبالنسبة إلى المشتري، تمكّنه من التحقق من النوعية والكمية المتفق عليها حين تسلّم البضاعة، كما تسمح بالتأكد من صحة الأسعار، وتعدّ حجة لتنفيذ التزامات البائع.
هذه هي “الفوترة”
وعرّف تيناوي “الفوترة” بأنها نظام يلزم الفعاليات التجارية والاقتصادية والخدمية بتقديم فاتورة عن جميع عمليات البيع والشراء، توثق قيمة الخدمة أو السلعة المبيعة.
وهي وثيقة قانونية إلزامية تحدد طبيعة التعامل التجاري، كما أنها تضمن حق انتقال الملكية للمشتري التي يعدها له البائع بعد عقد الصفقة، وتكون في عدة نسخ حسب طريقة المؤسسة في التعامل.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار