وزير الزراعة يبرئ ساحة وزارته ويلمّح إلى مسؤولية وزارات أخرى.. التسويق عقدة تعثّر أمامها الاقتصاد الزراعي السوري!

تشرين – نور قاسم:

برأ وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس محمد حسّان قطنا ساحة وزارته بخصوص عثرات التسويق التي باتت مطرح شكوى شبه عامة في مختلف أوجه النشاط الإنتاجي ولاسيما الزراعي منه.

وعدّ الوزير قطنا في تصريح رداً على سؤال لـ” تشرين” على هامش مؤتمر متخصص بالنباتات الطبية والعطرية، أن التسويق ليس من مهام وزارة الزراعة وإنما مهمة كل من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك التي تنظم تسعير المنتجات لوصولها إلى أسواق الجملة ومنافذ التسويق، ووزارة الاقتصاد التي تنظم تسويق المنتجات إلى خارج سورية، أما وزارة الصناعة فتنظم تسويق المنتجات لغاية التصنيع، وهيئة المواصفات والمقاييس تابعة أيضاً لوزارة الصناعة، ووزارة الزراعة مهمتها توفير فرص الإنتاج من مستلزمات ووضع الخطة الإنتاجية للزراعة.

وبالفعل المؤتمر الذي عُقد في اليومين السابقين كان خاصاً من نوعه لارتكازه حول النباتات الطبية والعطرية، وفي حال وضعت خطة شاملة لزراعتها وتسويقها وتصنيعها وتصديرها فستعود بجدوى اقتصادية مهمة على البلد وخصوصاً أنه وكما هو معروف عالمياً الاهتمام كبير بالأعشاب والمنتجات الطبيعية الطبية والعطرية، ناهيك بتأمين فرص عمل في الأرياف للمزارعين وصغار الكسبة ، ولكن العشوائية مازلت متصدرة المشهد إلى الآن.

هذا ما أوضحه الوزير قطنا خلال حديثه في المؤتمر، فقد لفت إلى أن وزارة الزراعة تعطي خصوصية وأهمية للنباتات الطبية والعطرية، إضافةً إلى بقية المحاصيل الزراعية والثروة الحيوانية، وعدّ كل الجهود ضائعة وغير متكاملة ما بين المزارعين المنتجين في المجال النباتي الطبي من جهة، والمستثمرين والمصنعين من جهة ثانية، وخاصةً أنه توجد بحوث عديدة حول العديد من النباتات الطبية والعطرية التي يمكن الاستفادة منها بشكل فعلي ، ولكن انعدام التكامل إلى الآن أدى إلى حالة التشتت، فكل يبحث عن الآخر وفي حال وجد أحد هذه الأطراف بعضهم بعضاً فيمكن وجود نوع من الاستغلال.

وهذه النقطة بيّنها المزارع صفوان في حديثه لصحيفة “تشرين” أن أبرز إشكالية يواجهها المزارعون في الإنتاج ومن ثم التسويق، فعدم وجود الكهرباء تؤثر سلباً، ولا إمكانية لري المحاصيل الزراعية للحاجة إلى المازوت، والاضطرار لشرائه بالسعر الحر بالرغم من وجوب الحصول عليه بالسعر المدعوم .

أما معضلة التسويق فهي أحد العراقيل، لأن التجار دائماً ما يتحكمون بالمزارعين مستغلين حاجة الفلاح لبيع محصوله، ولا يتم شراؤه منهم بالسعر الأساسي، إضافةً إلى تأخير التسويق تبعاً للمزارع الصفوان الذي ضرب مثالاً حول نبات “ستيفيا” الذي يزرعه وخلال ثلاثة أشهر يعطي إنتاجاً كبيراً، ولكن بسبب سوء وتأخير التسويق يبقى الإنتاج في المستودع لمدة ستة إلى سبعة أشهر إضافية ويحتاج إلى عناية كبيرة جداً لحمايته من الرطوبة أو الحرارة.

وفي سياق متصل اقترح الباحث والخبير في الاقتصاد الزراعي وائل حبيب آلية عملية تطبيقية بوجود هيكل ضمن القطاع الخاص يضم المزارع و اتحاد غرف الزراعة والمصنّعين والمسوّقين كممثلين عن هذه الأطراف في ما يمكن تسميته بـ”بيت الخبرة”، وهذا يعمل على تنظيم العلاقة بين المزارع والشركة المسوّقة أو المصنّعة ، وتالياً المزارع يزرع حسب رغبة الشركة وليس كما اتفق، فبيوت الخبرة هي التي ستكفل المزارع الالتزام بالعقد لأن الشركة ستقدم له مدخلات الإنتاج قبل بدء العمل، والمزارع هنا لن يعمل بشكل منفرد وإنما من خلال مجموعات عمل موحدة تضمن الإنتاج والتسويق .

وبالعودة إلى مؤتمر النباتات العطرية والطبية تابع وزير الزراعة والإصلاح الزراعي قائلاً: إنه يوجد لدى الوزارة ثلاثة برامج متخصصة بالنباتات الطبية، والمجال الإنتاجي إضافةً إلى برنامج للدعم وبرنامجين للبحوث وجميعها متعلقة بالنباتات الطبية والعطرية ، معبراً عن استعداد وزارة الزراعة لدعم هذا المجال وخصوصاً أن لدى الوزارة رصيداً لصندوق دعم الإنتاج الزراعي بمقدار خمسين مليار ليرة .

وأشار قطنا إلى أن تقديم الدعم يكون بشرط وجود خطة استراتيجية واضحة، فلدى الوزارة برنامج تنموي توسعي للنباتات الطبية والعطرية يبدأ بالبحث وينتهي بمنتج زيت عطري، متسائلاً حول معامل استخراج الزيوت الموجودة ولكن أين المنتجون والتسويق الفعال؟ وتالياً انعدام تنظيم الآلية بين كل هذه المكونات سيؤدي إلى انعدام الاستثمار الأمثل لكل هذه الجهود ، مبيناً وجود مشروعات إنتاجية لعدة محاصيل ولكن ليس بمساحات واسعة ، وزراعة أي من النباتات الطبية والعطرية في دونم أو دونمين لا تخدم أي معمل للتصنيع .

وأردف وزير الزراعة: “من هنا يبدو أن العمل دائماً على مستوى الجزئيات من دون الوصول إلى أي شيء ، ومن هذا المنطلق يجب وجود خريطة واضحة لوضع المناطق المثالية في سورية ، على سبيل المثال لزراعة «الروز ماري»، ومن ثم الاتجاه نحو الفلاحين لرصد مالكي الأراضي الملائمة لهذا الصنف، وتحليل التربة إضافةً إلى معاينة المصادر المائية ومن ثم وضع برنامج الدعم اللازم لمعرفة المطلوب في حال كان فنياً، مالياً ، وقرار ما للتسهيل أو مستلزمات إنتاج، إضافةً إلى التعهد الفني الذي يمكن تقديمه كفنيين لوضعهم تحت تصرف هذه الخطة وللعمل كوحدة إنتاجية وتشغيلها ، أو إقامة جمعية أو تحالف معين ، وبناء على كل ما ذكر يمكن رصد برنامج الدعم الذي يمكن تقديمه كما أشار وزير الزراعة ، فحينها يمكن استثمار مساحات واسعة بممارسات وآليات عمل محددة بمركز تشريع وحدة صناعية تبعاً لخطط منظمة وبتوفر أراض بمساحات ضخمة ومعرفة نسبة الإنتاج فيها، إضافة إلى النسبة الاقتصادية من الزيوت العطرية ، فحينها سيتوسع الفلاحون وحدهم لأنهم لمسوا الجدوى الاقتصادية، مشدداً على أنه بعدم السير بهذه الخطا المنظمة الواضحة فسيبقى كل ما ذُكر في المؤتمر عبارة عن استماع فقط لا غير .

وفي سياق متصل أشار الباحث حبيب إلى أن استثمار النباتات الطبية والعطرية مهم جداً ولكن لا يمكن فصله عن المحورين الإنتاجي والتسويقي، ومن الضروري تفعيل آليات ربط لهذين المحورين، وخصوصاً أن المزارع لديه مشكلة في آلية تأمين مدخلات الإنتاج ، ونظراً لوضعه الاقتصادي الصعب يجب توفير الفرص لتمويل المُزارع وتمكينه من الحصول على المدخلات الإنتاجية اللازمة.

ولفت حبيب إلى ضرورة الابتعاد عن النظرة التقليدية بأن الدولة من مهامها تأمين التمويل، وإنما إيجاد نوع من التخطيط للمحاصيل غير المخططة واتباعها بالقطاع الخاص، إضافة إلى اتحاد غرف الزراعة، ويجب على المصارف تقديم تسهيلات تمويلية للمزارعين في هذا المجال ، وإحدى الوسائل التمويلية الأفضل عن طريق تشريع الزراعة التعاقدية للمؤسسة التسويقية أو التصنيعية التي تتعاقد مع المزارع للحصول على منتجاته بشروط معينة ملائمة لتجهيز كل ما أُنتج إلى التسويق فيما بعد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار