و”السورية للتجارة ” مترددة… رجال أعمال يتسوقون محاصيل المزارعين من الحقل والأرباح مطرح شبهة ؟!!
رشا عيسى
تتساوى احتمالات الحلول مع بقاء الوضع على ما هو عليه في ملف مضاعفة استجرار المحاصيل الزراعية المتنوعة من المزارع مباشرة وطرحها بأسعار تنافسية في نقاط بيع محددة رغم فوائدها المتعددة زراعياً و اقتصادياً و استهلاكياً عبر تقليص حلقات الوساطة، وتخفيف الأعباء المادية التي يتحمل جزءاً كبيراً منها المستهلك، وتخفيض الخسارة الريعية للمنتج، ليكون الشراء المباشر من المزارعين بعقود مسبقة ..
احتمال ليس صعب التحقيق، وإن كان يحتوي على مخاطر تكبيد المزارع خسائر عدم الشراء بالسعر الرائج.
والحديث لا يدور حول الخضار الموسمية فقط، بل حول أنواع البقوليات القابلة للتغليف والتخزين وفق شروط مناسبة وطرحها بأسعار تنافسية خلال موسم الشتاء .
عضو اتحاد الغرف الزراعية الدكتور مجد أيوب وجد أن الشراء من حقول المزارعين مباشرة وبعقود مسبقة أمر صعب، ولكنه كان ولا يزال محققاً من دون عقود مكتوبة بين المزارعين وأصحاب المراكز الزراعية وتجار أسواق الجملة وفق آلية يتوجه المزارع بموجبها إلى أحد المراكز الزراعية الكبيرة سواء في سوق الجملة أو في المدينة، ويأخذ حاجته للموسم المقبل من بذور الخضار والبقوليات (بندورة – باذنجان – خيار – كوسا – بازلاء – فول) كما يأخذ حاجته المقدرة من الأسمدة العضوية والمعدنية والذوابة، وكذلك من المبيدات الحشرية والفطرية ومبيدات التربة وغيرها من دون تسديد قيمتها ويحدد اسم تاجر الجملة الذي يتعامل معه، وبعد التأكد، يأخذ المزارع حاجته ويذهب إلى أرضه أو مزرعته للزراعة وهنا يكتفي بتسديد نفقات الحراثة والعمالة الزراعية، وقيمة المياه والمحروقات فقط، وعند الحصاد وانتهاء موسم الزراعة ينقل إنتاجه إلى تاجر سوق الجملة الذي يبيعه بالأسعار الرائجة ويأخذ من القيمة نسبته، وقيمة المستلزمات أو المديونية يتم تسديدها للمركز الزراعي ويعطي البقية للمزارع، موضحاً أن الارتباط المعنوي بين المزارع والتاجر والمركز الزراعي هو الذي يحدد العملية وليس عقداً مكتوباً بينهم.
ويتابع أيوب: في الفترة الأخيرة دخل إلى هذه العملية مجموعة من رجال الأعمال الذين أنشؤوا معامل تصنيع زراعي وغذائي أو مراكز تصدير، وهؤلاء يتفقون مع كبار المزارعين على شراء إنتاجهم في الموسم وحسب السعر الرائج في السوق من دون تحديد قيمة ثابتة، سواء كان ذلك بعقود مكتوبة أو من دون عقود، علماً أن رجال الأعمال هؤلاء يقدمون للمزارع سلفة مالية عند الاتفاق معه وقبل الزراعة ليتمكن من شراء مستلزماته والمباشرة بأعماله.
وبالنسبة لإمكانية لعب المؤسسة السورية للتجارة هذا الدور، يرى أيوب أن (السورية للتجارة) ليست لديها الإمكانات المالية اللازمة للشراء بعقود مسبقة وحسب الأسعار الرائجة بالأسواق، مرجعاً ذلك لأسباب متعددة أهمها أن النظام المالي للشركات الحكومية لا يسمح بالشراء بهذا الشكل وهو أمر لا يمكن القفز فوقه، هذا إذا تم تجاوز موضوع استدراج العروض، وعليه فإن (السورية للتجارة) لا تستطيع الشراء من المزارعين بعقود مسبقة إلّا بمبلغ محدد في العقد، فقد يرتفع سعر السوق ويرفض المزارع التسليم فيتحول الأمر إلى القضاء الذي يحتاج فترة طويلة ليقرر بها، وثانياً: لا تقبل وزارة المالية واللجنة الاقتصادية بتوقيع عقود من دون تحديد السعر، أما ثالثاً: فتستطيع (السورية للتجارة) شراء بعض المنتجات الزراعية في فترة الإنتاج الأعظمي وانخفاض الأسعار (إذا تم تخصيصها بالأموال اللازمة لذلك)، بهدف بيعها للمستهلكين بأسعار مقبولة في وقت لاحق عند ارتفاع الأسعار وانتهاء الموسم كما حدث بلحوم الدواجن العام الجاري، لكن حفظ المنتجات الزراعية يحتاج مستودعات ذات شروط خاصة للتخزين أو برادات، علماً أن نسبة كبيرة من هذه المنتجات لا تتحمل التخزين أو التبريد لفترات طويلة مثل منتجات العائلة الباذنجانية والعائلة القرعية، ويمكن تخزين البقوليات والحبوب بعد معالجتها بطرق خاصة، وأخيراً يتم البيع في مراكز المؤسسة من قبل مستثمرين مستأجرين لهذه المراكز، وهؤلاء يهمهم الربح وليس البيع بأسعار ثابتة وربح صغير، لذلك سيلجأ بعضهم لبيع هذه المواد ذات الأسعار المنخفضة للتجار مقابل عمولات خاصة، وعليه فإن استجرار المحاصيل من الحقول مباشرة من قبل الجهات المعنية لا يمكن أن يحقق الفائدة للمزارع إلّا إذا تم الشراء منه بأسعار السوق الرائجة، أما بالنسبة للمستهلك فإن الفائدة التي يجنيها لا يمكن أن تتحقق له إلّا إذا وظفت المؤسسة عمالاً للبيع في صالاتها وبرواتب عالية، مع الرقابة الدائمة عليهم، وفقاً لأيوب الذي يرى أن هذا العمل من اختصاص القطاع الخاص الذي يتمتع بالمرونة في التعامل بالبيع والشراء أكثر على حدّ قوله. بدوره،الباحث الزراعي الدكتور مجد درويش وصف عملية الشراء المباشر لمنتجات الحبوب الزراعية (برغل – فريكة – حمص – عدس – فول – فاصولياء) وتغليفها وطرحها عن طريق مؤسسات القطاع العام (السورية للتجارة) ذات أهمية اقتصادية كبيرة في ظل غلاء أسعار هذه المنتجات محلياً وعالمياً وعدم توافر الإنتاج الكافي من هذه المنتجات وبما يلبي السوق المحلية، وتأتي كسلسلة من العمليات السابقة التي قامت بها المؤسسة في شراء الخضار الطازجة وطرحها عن طريق منافذها من دون وسطاء.
وبيّن أن تفعيل هذه الخطوة يسهم في كسر الحلقة التسويقية التقليدية (منتج – وسيط – مستهلك) عبر إلغاء دور الوسيط وما ينتج عنه من تخفيف في الأعباء المادية التي يتحمل جزءاً كبيراً منها المستهلك (المواطن العادي) وتخفيض الخسارة الريعية للمنتج على حدٍّ سواء.
وكذلك توفر هذه الخطوة جدار حماية لمنع احتكار هذه السلع والتخفيف من تذبذب أسعارها مع إمكانية توفيرها وطرحها في الأسواق بأسعار مناسبة وعلى مدار العام، فضلاً عن تحقيق هامش من الربح لمؤسسات القطاع العام التي ستتولى طرح هذه السلع في الأسواق المحلية وبأسعار تتناسب مع القدرة الشرائية للمستهلك بعيداً عن الأرباح الكبيرة التي كانت ستحققها الحلقات الوسيطة.
ويؤكد درويش أن الخطوة الأهم تتلخص في تشجيع المزارعين وتحفيزهم على الاستمرار في العملية الإنتاجية التي ستزيد من ريعية هذه المنتجات، وتمنع تحكم الوسطاء في تسويقها، لكنه في المقابل لفت إلى أن هذه العملية تحتاج دراسة متكاملة من حيث تحديد الكميات المنتجة من هذه المحاصيل، وأسعار الشراء، وتخصيص مراكز لتنفيذ عمليات الشراء موزعة في أماكن الإنتاج بشكل يسهل الشراء المباشر من المزارعين، بهدف لتخفيض أجور عمليات النقل ذات التكلفة العالية.