منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم في تركيا عام 2002 احتفظ زعماؤه بعلاقات جيدة مع كيان الاحتلال الإسرائيلي وكانوا يدعون في الوقت ذاته الوقوف إلى جانب الشعب الفلسطيني ومناصرته.
الوقائع والأحداث التي مرت على مدى العقدين الماضيين أثبتت بشكل لا لبس فيه أن الزعماء الأتراك يلعبون على الحبلين .
المتابع للأحداث يدرك وخاصة بعد اتصال رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان مع رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي يائير لابيد مؤخراً والإعلان عن عودة العلاقات والسفراء أن اردوغان كان يمارس الكذب والخداع في مسألة شكل وطبيعة العلاقات مع الكيان الصهيوني، بل يتقن المسرحيات .
كان يتظاهر بدعم الشعب الفلسطيني والحرص على حقوقه والدفاع عنه وبعدائه لكيان الاحتلال وخاصة خلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة ولكن في الوقت نفسه كان يضمر غير ذلك ، وكانت العلاقات تتواصل من تحت الطاولة بين الجانبين من دون انقطاع وخاصة العلاقات التجارية .
الزيارة التي قام بها رئيس الكيان الصهيوني اسحاق هيرتزوغ الى أنقرة في آذار الماضي وما لقيه من حفاوة لم تأتِ اعتباطاً ولم تكن مجرد زيارة بروتوكولية وإعلامية أو لغرض المجاملة، بل كانت زيارة رسمية وتلبية لدعوة من أردوغان ، وقد شكلت نقطة تحول كبيرة لتجديد العلاقات التركية_ الإسرائيلية، وبدا فيها أردوغان مصمماً على تطبيع كامل للعلاقات مع وتأمين مصالح نظامه وأهدافه ومخططاته بغض النظر عن مواقفه السابقة تجاه الفلسطينيين أو غير ذلك من قضايا المنطقة العربية .
هذا التناقض في المواقف والسياسة الأردوغانية المتلونة كالحرباء يعكسان كذب أردوغان ونفاقه ومتاجرته بمشاعر الشعب الفلسطيني ويؤكدان أنه لا يهمه أي شي من القضايا الإسلامية والإقليمية وأن كل ما يهمه ونظامه هو التقرب من الكيان الإسرائيلي والارتماء في أحضانه وبالوقت نفسه إرضاء سيد البيت الأبيض واللوبي الصهيوني في أمريكا.
من المفيد أن نذكر هنا حادثة سفينة مرمرة في آيار عام 2010 عندما قام متضامنون أتراك بمحاولة لكسر الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة ، عبر البحر ولكن تصدت لهم قوات الاحتلال البحرية آنذاك وقتلت عدداً منهم وأفشلت مهمتهم، وعلى أثر ذلك كان أردوغان يحاول جاهداً تجنب إصابة العلاقات التركية_ الإسرائيلية في المدى البعيد بأضرار لا يمكن إصلاحها واكتفى نظامه بالإدانة واستدعاء السفير التركي وتجميد العلاقات شكليا خاصة بعد رفض إسرائيل تقديم الاعتذار عن الهجوم على السفينة .
ومن المعروف أن تركيا هي أول دولة ذات أغلبية مسلمة تعترف بكيان الاحتلال الإسرائيلي عام 1949 وجرت على مدى العقود الماضية بين الطرفين علاقات سياسية واقتصادية وتجارية وعسكرية ، كما ازدهرت السياحة ووصل التبادل التجاري الى أرقام ضخمة ونفذت قوات الاحتلال الجوية عدة مناورات في المجال الجوي التركي ، وكان الفنيون الإسرائيليون يحدثون الطائرات التركية المقاتلة ، وكانت هناك مشروعات مشتركة لتطوير الدبابات والصواريخ ، إضافة الى خطط للتعاون في مجال التكنولوجيا الفائقة وهو ما يؤكد للقاصي والداني الأهداف الخبيثة للزعماء الأتراك أحفاد المحتلين العثمانيين تجاه هذه المنطقة .