مع قرب استحقاق انتخابات المجالس المحلية، لا بدّ من التركيز خلال هذه الفترة على تأكيد أهمية هذا الاستحقاق والدفع بأشخاص مشهود لهم بالكفاءة والنزاهة، لأنهم سيكونون على تماس مباشر مع المشكلات التي تمس حياة المواطنين في الوحدة الإدارية ..
ونحن نعيش، الأجواء الاستعدادية لهذه الانتخابات، تذكرت ما قالته ذات مرة، صديقة تونسية، كانت تتحدث عن عملها، قالت: “أنا أخدم في الاتصالات” لم تقل إنها موظفة، وثمة فرق بين الوظيفة، وبين الخدمة، ففي الحالة الثانية المفهوم أوسع وأشمل، ويرتقي إلى درجة الدفاع عن الوطن، وهذا ما نعرفه جميعاً عندما ننخرط في صفوف الجيش العربي السوري نقول: إننا نخدم، بمعنى؛ إن من يقوم بهذا العمل قد أخذ على عاتقه أن يخدم الوطن، هذا هو عمله، أسوق هذا الحديث للتأكيد على أننا بحاجة ماسة لتكريس هذا الفهم في قطاعاتنا الخدمية، فلماذا لا نرى الأمر كما هو معاش في جيشنا، نخدم للدفاع عن ترابه وسيادته وحريته، من دون مقابل أو منّة، فهذا واجب ومسؤولية في الوقت نفسه، من هنا يمكن القول: إن الخدمة الوطنية العامة بالمفهوم هي واجب، و هي تهدف إلى المشاركة في التنمية الشاملة، وهي أيضاً مسؤولية وطنية يؤديها الجميع في المجالات ذات الطابع الخدمي، و التي تتماشى مع الاحتياجات التنموية للدولة، لمواجهة المشكلات التي تمس المواطنين في حياتهم اليومية .
هذا ما يجب أن يكون واضحاً، للمرشح للانتخابات المحلية والناخب في آن واحد، لذلك فانّ هذا الاستحقاق مسؤولية كبيرة، تعول على من يتجشم عناء العمل فيها آمال كبيرة .
إن أهمية المشاركة الانتخابية تكمن في أهمية شعور الناخب بمدى تأثير صوته الانتخابي في العملية الانتخابية، وكلما كان لصوت الناخب في هذه العملية تأثيرٌ قويٌّ ، أكد هذا التأثير أن المسيرة الديمقراطية تسير على النهج السليم .
ومن أجل ضمان أفضل علاقة إيجابية بنَّاءة ومؤثرة في الإدارات المنتخبة، ومن أجل توجيه تلك الإدارات نحو برامج تصب في خدمة المواطنين، لا بدّ أنْ يشارك أوسع جمهور في عملية التصويت من جهة وأنْ تتمَّ عملية الاختيار والانتخاب على وفق معايير دقيقة وقراءة متمعنة في طبيعة ممثلي المجالس المنتخبة وفي توجهاتهم وبرامجهم من جهة أخرى.
إذاً، المشاركة الانتخابية تعني أن المواطن يدرك أهمية دوره والتزامه تجاه العملية الانتخابية، وأنه يعرف كيف يختار المرشح صاحب البرنامج الانتخابي الأجدى له، ويحدد أولوياته وفقاً لطموحاته ورؤيته بخصوص القضايا العامة، ولاسيما أن المشاركة الانتخابية تعني شعور الناخب والمرشح بالمسؤولية تجاه المجتمع، وتجاه الوطن كله.
جميعنا مدعوون لكي نسهم في وصول هذه الانتخابات بأبهى صورة حضارية عن بلدنا، والتأكيد للقاصي والداني أنها قوية بأبنائها وتوجيه رسالة للعالم، بأننا رغم كل ما نعانيه من جراء الحصار والحرب، لا خيار أمامنا إلّا العمل مع بعض وكتفاً على كتف، فهذا مسؤولية وواجب لبناء وطننا .
المشاركة بانتخابات مجالس الإدارة المحلية، واجب وطني وإنساني، وعلى الجميع المشاركة لكونها مناسبة وطنية لذلك فإن المشاركة فيها يجب أن تنبع من الإيمان بدور هذه المجالس في وضع خطط لإنجاز المشاريع التي تعود بالفائدة على المواطن.