الدراما السورية “صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية” محاولات للنهوض والوقوف في وجه التحديات
ميسون شباني
شهدت الدراما السورية خلال الحرب على سورية الكثير من التساؤلات حول فحوى ماتقدمه من مضامين فنية، إضافة إلى التراجع الحاد في العملية الإنتاجية للأعمال الفنية، وهجرة كبيرة من الفنانين إلى الدراما العربية، الأمر الذي دفع بصناعها والمهتمين بها إلى دق ناقوس الخطر والسعي إلى العودة بالدراما السورية إلى ما كانت عليه قبل عام 2011، والعودة إلى المنافسة في المشهد الدرامي العربي، غير أن هذه المحاولات لم تفضِ إلى شيء غير الحضور الموسمي الثابت، ولكن بمستوى ضعيف وأقل من المطلوب، رغم وجود بعض الاستثناءات التي تثير تفاؤلاً سرعان ما يتبدد.
الأمر الذي دفع بلجنة صناعة السينما والتلفزيون وبالتعاون مع وزارة الإعلام ورعاية كريمة من المهندس حسين عرنوس رئيس مجلس الوزراء إلى إقامة ورشة عمل بعنوان “الدراما السورية .. صناعة فكر ومسؤولية مجتمعية” في فندق الشام..
تشرين التقت بعض من المشاركين في هذه الورشة على هامش طرح أوراق العمل لكل المدعويين إليها، حيث أكد غالب عنيز رئيس لجنة صناعة السينما والتلفزيون أن هذه الورشة هي للوقوف على هموم الدراميين السوريين، وإيجاد سبل لتذليل العقبات التي تعترض المنتجين السوريين وطرح المعززات والإيجابيات التي تسهم في تطور صناعة الدراما والارتقاء بها ومعالجة السلبيات.
ورأى الفنان محسن غازي نقيب الفنانين أن انعقاد الورشة يأتي في مرحلة مهمة وهي تراجع مستوى الدراما وقلة الأعمال نتيجة الحرب على سورية، وأصبح التسويق صعباً وخاصة أن هناك موقفاً سياسياً مرتبطاً بالحرب، إضافة إلى هجرة الفنانين نتيجة ندرة فرص العمل ومشاركاتهم كنجوم في الأعمال العربية المشتركة نتيجة المكانة التي تبؤوها في الدراما السورية، إضافة إلى وجود أزمة في النص الدرامي وغياب استراتيجية حقيقية حول مضامين الدراما السورية والتي كانت سبباً في انطلاقتها وتصدّرها في الوطن العربي.
ونوّه د. نبيل طعمة عضو لجنة الإعلام والاتصالات في مجلس الشعب بأن هذه الورشة هي دعوة صريحة وواضحة لكل من له يد في الصنعة الفنية، وهذه الورشة تمتلك نقد نفسها من أجل التطور الحقيقي ومواكبة الواقع الدقيق الذي ساده الخلل نتيجة الأزمة، وبعد أن صرنا رواداً للفعل الدرامي، واستطعنا أن نخترق عبرها كل المجتمعات العربية وباتت اللهجة السورية هي المسوّق للدراما المدبلجة، ظهرت بعض الهنات والتي كان لها ظروفها وهي المعاداة العلنية لدرامانا واقتصار بعض الفضائيات التي لا أعتبرها تمتلك الحضور القوي ومن المهم أنها استثمرت فنياً وحملت سلبيات وسلطت الضوء إن كان بشكل إيجابي أو سلبي على الواقع السوري، هذا النقاش دعوت أن يكون جريئاً وواقعياً وألا نغوص بالتفاصيل ولانغرق في الواقعية، لأن الواقع مشهد بنائي ونحن نتجه إلى إعادة إعمار سورية في كل محاور الحياة.
ولفتت د.نهلة عيسى إلى أنه من الضروري إقامة هذه الورشة على خلفية الجدل الذي حدث خلال شهر رمضان المبارك وماتم تناوله عن المجتمع السوري، حيث وجدنا من المهم أن نسمع صناع العمل الدرامي من كل الإتجاهات سواء على الصعيد الفني أو النصي أو التكنولوجي وهذا ماجعلنا نضع التساؤلات في اليوم الأول وحرصنا على وجود قوي لنقابة الفنانين كونها حاملة لهمومهم وقضاياهم ولكي يكون لهم صوتهم القوي وقبل أن نوجه أي نقد نقول كمجتمع مدني ماذا نريد من الدراما؟ لنا الحق في قول مانريد وماذا نريد أن نشاهد؟ خاصة في أننا في زمن قبيح نسعى فيه إلى الحفاظ على ماتبقى من البراءة في نفوسنا ونفوس أبنائنا.
وتحدثت الفنانة جيني إسبر عن ضرورة إقامة هذه الورشة من أجل التنبيه لمواكبة التطور الدرامي والفني في ظل انتشار المنصات والقنوات العربية عبر المواقع الإلكترونية، إضافة إلى اختلاف المضامين والتجدد للأعمال العربية ووجود طريقة مختلفة في الأداء والكتابة وأسلوب تناول المواضيع فالأعمال الدرامية عام 2000 لاتشبه الأعمال الدرامية في عام 2022 لذا من الضروري طرح الأفكار الجيدة ونطبقها على أرض الواقع كي نحافظ على التجدد ونواكب التطور الدرامي على كل المستويات .
وأكدت الإعلامية رائدة وقاف أن هذه الورشة هي وقفة هامة على المستوى الإنتاج الفني والدرامي والرقابي، فالدراما بشعبيتها هي سلاح ناعم في وجه الحرب على سورية ووقفة مراجعة وتأريخ حقيقي للدراما بأقلام مبدعيها وممثليها وصناعها .
من جهته أكد حبيب سلمان مدير عام الهيئة العامة للإذاعة والتلفزيون على مفهوم الشراكة الحقيقية بين وزارة الإعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون والذين أجمعوا على تنظيم هذه الورشة التي جمعت الشركاء في الصناعة الدرامية من خلال شركات الإنتاج والمؤسسات الإعلامية والحكومية والفنانين والفنيين، ويجب أن ننطلق من أسئلة مفتاحية فالأسئلة التي طرحت هي مشاكل معروفة ولذلك ملاحظتي الأولى أنه لم يقدم أي جديد فالسؤال هو أي صناعة درامية نريد؟
فعندما تتم الإجابة على هذا السؤال نستطيع أن نخرج بخطة عمل لهذه الصناعة والتي ستكون سبباً في حماية المنتج السوري والنهوض به وعدم انجراف الصناعة الوطنية وتحصينها من مخاطر التسليع وتسطيح الرأي وتشويه القيم الأخلاقية والمجتمعية..