كان من الطبيعي أن ينعقد مؤتمر الأدباء والكتّاب العرب في دمشق تحت شعار يحرص على العروبة، خاصة أن السوريين منذ الربع الأخير من القرن الماضي انتبهوا إلى أن العروبة هي المستهدفة من أعداء الأمة، وكان السوريون منذ بداية الحرب على بلدهم متيقظين من أنها ليست إلّا تصعيداً ضد العروبة التي تشكل سورية والسوريون قلبها النابض، وما استهداف العروبة إلّا لأنها منبع الحياة للأمة وطاقة فعلها وقوة ارتباط شعوبها ببعضها بعضاً، والمنجي من التشرذم الطائفي أو المذهبي أو الأقوامي.. إنها فعل جامع موحد وأساس ضروري للارتقاء.
ورغم أن البيان الختامي الصادر عن المؤتمر كان بياناً جامعاً شاملاً لكل قضايا العرب ومعبّراً عن المطالب العربية بصورتها الأنقى، إلّا أن صيغة التعميم المريح في البيان لكل الأطراف يجب ألّا تريح الهمم الساعية إلى جعل الإبداع والكتابة والأدب، ليس فقط تشخيصاً لأحوال العروبة، بل قوة إيحاء وبعث وتطوير ونهوض بحيث تستعيد عروبتنا طاقة فعلها وقوة جمعها للعرب كحضارة متفاعلة مع كل تطور ومتواءمة مع كل سعي إنساني بعيد عن أي تعصب طائفي أو مذهبي أو أقوامي.. بهذه الطريقة يستعيد الأدب ويستعيد الإبداع الأدبي وتستعيد الكتابة الفكرية فعالياتها وتأثيرها، كما تستعيد طبيعتها الأصلية، فهل ستتضمن خطط الاتحاد ما يدفع بهذا الاتجاه، أم إننا سنقع بنفس فلكلور الاكتفاء بالمؤتمرات والبيانات؟ الدفع باتجاه العروبة وتكريسها عبر الأدب والإبداع أهم وظائف ومسؤوليات الاتحاد، على الأقل بناءً على تبنيه للعروبة شعاراً للعمل والفعالية، وليس لافتة للاحتفال فقط.
إن رواج موضات أدبية غربية وحملها على إغراء جوائز أدبية مغرية وتعميمها في الفنون والإعلام المنتشرة حرف الكثير من الكتابات العربية، وأكبر ضحية كانت العروبة.. فهل يتذكر أحد رواية عربية صدرت في السنوات الأخيرة تعالج مشاعر وعواطف إنسان يحس بالمصائب التي تنزل بالعروبة، و تتجسد بأحوال بلده وبيته وأحواله الشخصية؟ أين شعر العروبة، أين غناء العروبة، أين مسرح العروبة؟ وهل وجود بعض الأعمال مدفونة في مستودعات النسيان يكفي ويبرر ضعف فعالية الأدب تجاه العروبة؟ ومع موضات التحرر الجنسي والفردانية الغربية انتشرت كتابات أدبية تهتم بالسياسة كغطاء لترويج الطائفية والمذهبية، فهل لدى الاتحاد خطط لتجاوز هذه الوقائع؟ أم إنه يرى أننا نبالغ، وأن العروبة في الأدب والشعر والفكر بخير؟