الدراما السورية بين رقابة القانون والضمير
بارعة جمعة
يسوّق منتجو الدراما أعمالهم المصورة عن طريق توظيف شهرة ونجومية المغنين، لكن المحاولات لا تزال في طور البداية، وربما ينقصها المزيد من الدراسة كي لا تفشل، كما حصل في عدة أعمال درامية مٌكلفة، ليبقى تناول القضايا المجتمعية من زوايا مختلفة محط إثارة الجدل في الأوساط كلها بما فيها الفنية، فاللجوء لتصويب الخطأ بطرق ملامسة القضايا بشفافية، يعرض أصحابها للمساءلة بوصفهم تجاوزوا الخطوط الحمراء برأي البعض، لتبقى مهمة الرقابة برأي الفريق الآخر عثرة في سبيل تطور الدراما ومواكبتها للمشاكل بصورة حقيقية.
رقابة فكرية
تختلف تعريفات مصطلح الرقابة الفنية بوصفها المحرك الأساسي لاستمرارية عمل ما، إلا أن ما تلجأ إليه أحياناً بوصفها الجهة المسؤولة يعد تدخلاً بصلاحيات الجهات القائمة بالتنفيذ، فالرقابة صنعت لضبط النصوص ليس من حيث الجودة بل من مبدأ المسموح والممنوع برأي المخرج وليد درويش – جاء ذلك في الورشة التي أقامتها كل من وزارة الاعلام ولجنة صناعة السينما والتلفزيون تحت رعاية رئيس مجلس الوزراء حسين عرنوس، ضمن قاعة الأمويين في فندق الشام – فيما نرى اليوم بأنها -الرقابة- تتدخل بأمور ليست من شأنها مثل تعديل مشاهد معينة على حد تعبيره، مطالباً بوجود رقابة حقيقية شبيهة برقابة السينما القائمة على مبدأ التقييم والرفض من مبدأ المنطق.
كما أن لجنوح الرقابة عن دورها الرئيسي في العمل نوعاً من الاستغلال المادي للجهات المقدمة للنصوص وللشركات المنتجة برأي محمد قبنض مدير شركة قبنض للانتاج، وذلك بطلب مبالغ مادية أثناء القيام بخطوات معينة، ما يجعل الجهة المنتجة في حال لجوئها للتلفزيون أيضاً، والذي يستوجب من الجهات كافة دعم المنتجين الجدد وتسهيل خطوات العمل لكونه مصدر عيش لهم ولعاملين معهم.
مسؤولية مجتمعية
إلا أنه منذ اجتماع النقابة عام 2012م وحتى اليوم لم تخرج بنتائج برأي الموسيقي طاهر مامللي، ولا يزال تدخل المنتج بالفكر والوعي يمثلان خطراَ على ما تقدمه الدراما للأجيال القادمة برأيه، متسائلاً عن دور نجوم الصف الأول ممن صنعوا مخرجين وممثلين تقع على عاتقهم المسؤولية بشكل مباشر، في حين تمثل مشاكل التسويق للأعمال برأي مامللي إعاقة، وترتبط بشكل أساسي بالمؤسسة نفسها .
وللمطالبات من قبل البعض بجعل الدراما تمثل وجهة نظر حكومية أثرها الكبير في ضعف تسويقها برأي الفنان فراس إبراهيم، فالمساحة يجب أن تكون مفتوحة برأيه، ليبقى تحديد نوع الرقابة التي تواجه الدراما ومعرفة الرقيب نفسه أي جهة يمثلها، السبيل لتحديد سبل العمل الصحيح، ليبقى التغلب على المشاكل العامة وتحديد مفهوم الرقابة بالفنية جزء من التغلب على مشاكل الدراما برأي إبراهيم.
قوانين ناظمة
وأمام ما نعيشه من هوامش إنتاج ووضع غير طبيعي علينا تحديد ما نريده فعلاً، والمشكلة تكمن في الاقتصاد نفسه وطرق توجيهه بإنشاء تشريعات لحماية الاستثمار برأي الفنان عباس النوري، فصناعة الثقافة والفن واكبت مسارات الاقتصاد بالصعود والهبوط، واليوم ما ننتجه لا يجد سوقاً للتصريف، لذا علينا تبني ممثلين وكتاب ومخرجين لكون الثقافة تمثل الواجهة الرئيسية للبلاد، ما يفرض علينا إعطاء هامش أكبر للتعبير الحر عن قضايانا وتحمل المسؤولية منها أمام القانون نفسه، فمن يطالب بالوعي عليه أن يكون أوعى.
ومن الخطأ إلقاء اللوم على الحرب في تراجع الدراما، فالمنافسة وإقصاء الشركات المحلية ولجنة الرقابة لها الدور الأكبر فيما يحدث برأي نقيب الفنانين محسن غازي، فالموظف لا يقيم المبدع إلا أن واقع الحال هكذا، وما قدمته الدراما السورية من مواضيع مؤخراً غابت عنها المسؤولية الأخلاقية بتعميم مبدأ الكراهية بعيداً عن التقييم الفكري، فمن الضروري برأي غازي وجود استراتيجية فكرية لمعالجة الدراما، وعلى الجهات المسؤولة ضمن الدولة فرض استراتيجيتها دعماً للمجتمع، حيث فقدت الدراما دورها في بنائه أمام سيطرة رأس المال وانتصاره، فالعامل الربحي همّ التاجر إلا أن الحكومة قصرت في مسألة ضبطه.