أعرف زوجةً تُصدِّع رأس زوجها وأفراد أسرتها جميعاً، لكثرة ما تشاهد فيديوهات “الشيف عمر” و”أبو جوليا” و”الشيف رمزي” و”منال العالم”، مرّة تتابع كيفية تحضير الكبة اللبنية، وأخرى البيتزا بالمقلاة، وثالثة فتة المكدوس، ورابعة وخامسة وسادسة وعاشرة بعد المئة، بحيث لا تفوِّت طبقاً شهياً إلّا وتشاهد كيفية تحضيره، وعندما يأتي زوجها متعباً من العمل، ويسألها عما حضَّرت للغداء، فإنها تتذرع بضيق الوقت، وبأنها ستُجَهِّز له طبق “جظّ مظّ”، وفي كثير من الأحيان، فإنها تُحضِّر “الجظّ” من دون “المظّ”، أي إنها تقلي له عدة بيضات وكفى المؤمنين شرَّ القتال.
كما أعرف امرأةً تعاني سمنة زائدة في منطقة البطن، لذا ترى هاتفها المحمول مليئاً بتطبيقات التمارين المنزلية التي توصلها خلال شهر إلى معدة مشدودة، وإن تابعتها فإنها ستبرز لديها العضلات الست، كما تُحمِّل التطبيقات الخاصة بـ”تخسيس” الوزن، والتي تحسب لها عدد الكالوريات التي تستهلكها يومياً، في حال تناولت ولو حتى خِيارة واحدة، وفي أكثر من مرة، فكَّرَت بأن تُسجِّل في نادي للآيروبيك أو الزومبا، إضافة إلى مشاوير “التدريجة” المسائية، ولكنها في النهاية استدلَّت عبر “الفيسبوك” إلى تقنية “الكافيتيشن” التي ذاع صيتها مؤخراً، وبجلستين عند العيادة المختصة، تمكَّنت من نحت جسمها عند منطقة البطن، وبدأت التفكير في نحت مناطق أخرى.
وأعرف أيضاً صبيةً، بات كلّ همِّها إتقان اللغة الإنكليزية، على اعتبارها لغة العصر، ومفتاحاً أساسياً من مفاتيح القبول الوظيفي، وفعلاً ملأت مكتبتها في البيت، بسلاسل تعليمية مختلفة الأشكال والألوان، وقواميس، ومراجع، بما في ذلك ما يتعلق بالتحضير للآيلتس، والتوفل، وملأت موبايلها بتطبيقات لا حصر لها لتدعيم دراستها للإنكليزية، ولكنها ضاعت في “عجقة” كل ذلك، وكلما قدَّمَت امتحاناً لتحديد مستواها، تكون النتيجة “intermediate” أي “متوسط”، وفجأة طلبها للزواج ابن خالتها من الضيعة، وما إن قدَّم لها أول هدية، وشكرته بالقول: “Thank you my honey” حتى اشرأبت عروق رأسه، وكادت الخطبة تُفسَخْ بينهما، لأنه عدّ ما قالته إهانةً له وتكبُّراً عليه.
لذا يا أنتِ وأنتِ وأنتِ، “برضاي عليكن روقوا شوي وبلاها افتراضياتكن البعيدة عن الواقع”.