مسؤول في محافظة دمشق لتشرين: سيتم هدم المخالفات التي بنيت بعد 2012 في المزة 86 وغيرها التي تسبب خطورة
شمس ملحم:
أبنية طابقية بأكملها وبنايات جديدة بدأت بالظهور بسرعة خيالية، في مختلف المناطق وقد شُيّدت هذه الأبنية بطريقة مخالفة وعشوائية في الأحياء الشعبية والتوسعات التنظيمية، وعلى أطراف المخططات التنظيمية، وحتى ضمنها ومتجاوزة عليها.
جائر …
مؤخراً صرّح محافظ دمشق بأنه سيتم هدم أي نوع من المخالفات حتى ولو كانت مرصعة بالألماس، ما أثار حالةً من الانزعاج لدى سكان المناطق العشوائية في دمشق، الذين أجمعوا لـ”تشرين” على أنّ الهدم سيكون جائراً بحقهم وهو ليس عادلاً ضمن الظروف الصعبة اقتصادياً ومعيشياً، فالقاطنون في العشوائيات لايملكون مئات الملايين لشراء بيوتٍ في المشاريع التي تنجز أو أي مناطق أخرى، وخاصةً أنّ سوق العقارات يشهد ارتفاعاً ملحوظاً.
نمر العلي مهندس اتصالات من سكان منطقة المزة 86 يقول لـ”تشرين”: توسع الحي خلال فترة الحرب فأصبح يؤوي مئات الآلاف من العائلات و مازال ، فهو خيار للفقراء كغيره من مناطق العشوائيات، حيث استقطب الكثير من المهجّرين، كما أن قربه من مركز المدينة ومن الجامعات جعله ملاذاً للسكن يؤمه جميع الطلاب.
ويشير العلي إلى أن السكن في وسط العاصمة غالي الثمن بالنسبة للفئات من أصحاب الدخل المحدود، أما سعر المنزل في العشوائيات فهو مقبول لذلك تكثر أبنية المخالفات.
تستمر عملية البناء المخالف في وضح النهار ومنتصف الليل وعلى مدار الساعة ، في غياب القطاعات المسؤولة عن مراقبة الأبنية المخالفة والقيام بهدمها، أو إيقافها وعدم السماح ببنائها، إضافة إلى أن القائمين على البناء المخالف يقومون بالاعتداء على شبكات الكهرباء والماء، واستخدام ما يلزمهم بعيداً عن الرقابة والمحاسبة.
(21 منطقة مخالفة في دمشق)
عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق المحامي فيصل سرور أكد في تصريحه لـ “تشرين” أنه تم التشديد على هدم المخالفات مهما كان مالكها، لافتاً إلى وجود 21 منطقة مخالفات في دمشق وهي تعد كثيرة، لذلك مهما فعلت المحافظة فليس لديها القدرة على المتابعة والمراقبة لجميع هذه المخالفات، إضافة إلى ضعف ثقافة الشكوى لدى المواطن والتي لها دور في توسع المخالفات.
وأضاف سرور: كثرت المخالفات خلال فترة الحرب،حيث كانت الحاجة للسكن الآمن، وتم استغلال الفترة من قبل ضعاف النفوس لبناء المخالفات وتأجيرها أو بيعها للمهجّرين من المناطق الساخنة.
وأكمل قائلاً : تم إصدار القانون 40 الخاص بالمخالفات والذي ينص على أن جميع المخالفات القائمة قبل 2012 ولدى أصحابها إثباتات: مشاهدات مثبتة، ساعة كهرباء وماء , من الممكن أن تتم عملية تسوية وضع لها مع المحافظة وهنا لا تتم عملية الهدم ، مبيناً أن العديد من المخالفات لا تقبل التسوية ويجب هدمها مثل بناء على أملاك الدولة كبناء غرفة في حديقة أو رفع ملحق أو بناء حائط وغيرها العديد , كما يمكن للمتضرر من البناء المخالف أن يرجع للقضاء ويلغي التسوية وقد حصل ذلك، حيث قام أحدهم برفع دعوى على أحد الأشخاص الذي قام بتسوية وضعه مع المحافظة وكسب الدعوى وبدورنا تبلغنا بالحكم وتم إلغاء التسوية والترخيص الذي تم منحه للمخالف .
أما بالنسبة لمنطقة المزة 86 والتي تعد أكبر تجمع سكاني فأشار سرور إلى أن معظم الأبنية فيها قبل عام 2012 لذلك فهي قابلة للتسوية ولكن وخلال الحرب تم التوسع في المنطقة، لذلك فإن أي بناء بعد 2012 في 86 أو غيرها من مناطق سيتم هدمه مباشرة، حيث تجري معالجة موضوع مخالفات البناء في المحافظة وفق الأصول القانونية، وهناك تعاون من جميع الجهات التي تقدم المؤازرة عند عمليات إزالة أي مخالفة ، أو من خلال الخبرات الفنية، مؤكداً أنه تمت المباشرة في ذلك وقد تم هدم بعض المنازل في 86 بعدما تبين مدى خطورتها على قاطنيها بعد تشقق الجدران في تلك المنازل.
(1500 مخالفة خلال شهر)
وختم كلامه بأن ضابطة البناء لا تهدف بقمع المخالفات الإضرار بالناس، وإنما الهدف توفير الحماية لحياة المواطنين ، ومهما كانت تكاليف البناء المخالف أقل من السكن النظامي ، لكنها في الحقيقة ذات تكاليف أكبر على مستقبل الإنسان، لذلك ستقوم المحافظة بتعويض صاحب المنزل الذي تم تنفيذ الهدم له مع عائلته من خلال تأمينهم بسكن بديل لمدة سنة كاملة.
وفي سياق متصل أشار مصدر مسؤول من لجان الهدم في محافظة دمشق لـ”تشرين” إلى أن المحافظة بادرت منذ وقت قريب أعمال الهدم للعديد من المخالفات ، حيث استطاعت المحافظة وفقاً لأرقام تقريبية هدم أكثر من 1500 مخالفة خلال شهر جمعتها في مناطق مثل: “مزة 86 – القابون- عش الورور- كفرسوسة- دف الشوك- حي الزهور، وغيرها، نتيجة شكاوى عديدة وصلت إلى المحافظة بعد أن عجزت البلديات عن حلّها.
و تتوزع أماكن السكن العشوائي على عدة مناطق في دمشق، من المهاجرين إلى ركن الدين مروراً ببعض أطراف المزة ، وصولاً إلى وادي المشاريع في منطقة دمر، وتتميز هذه المناطق بارتفاع الكثافة السكانية، إذ يبلغ متوسط هذه الكثافة 61-81 نسمة /كم2، بحسب دراسة رسمية، وأغلبية سكان هذه الأحياء من أصحاب الدخل المحدود ، وتعاني هذه المناطق من ضعف في الخدمات، وخاصة خدمات الكهرباء والصرف الصحي، إضافة إلى انهيارات الأرصفة والحُفر الممتلئة في طرقات هذه الأحياء ، والكثافة السكانية الناتجة عن أزمة السكن وارتفاع أسعار المنازل والإيجارات.
(خسائر بالمليارات)
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمار اليوسف صعوبة هدم أي نوع من المخالفات تم بناؤها بعد 2012 لأن ما تم بناؤه من مخالفات يعادل 25% من مجموع الأبنية في سورية .
لافتاً في تصريحه لـ “تشرين” إلى أنه تم هدم الكثير من الأبنية خلال فترة الحرب والبقية عبارة عن مخالفات، لذلك فإن الهدم سيولد خسائر بالمليارات، إضافة للمشكلة الاجتماعية وهي” التهجير” التي ستصيب العائلات التي تسكن بهذه المخالفات لأن أغلبيتها وحدات سكنية بمعنى أن كل وحدة فيها عائلة كاملة
عدم وجود البديل.
وأشار اليوسف إلى أن عدد المخالفات التي بنيت بعد 2012 يتراوح ما بين الـ750 ألفاً والمليون مخالفة في دمشق ,لذلك فإن هدم هذه الأبنية يعد كارثة حقيقة لعدم وجود البديل خلال الفترة الراهنة , موضحاً أن البناء النظامي خلال فترة الحرب محصور بمناطق محددة ورغم أنه نظامي يوجد فيه 30% مخالفات من مساحات زائدة وبناء ملحق فوق الأسطح وغيره.
وتساءل الدكتور اليوسف : هناك مخالفات في مناطق كالمالكي وأبو رمانة أيضاً وتم بناؤها من أصحاب نفوذ , فلماذا لا تشاهد المحافظة هذه المخالفات بل تتجه للفقراء فقط ؟!