سورية والعربدة الأمريكية الغائبان الحاضران في قمة طهران!
سبق قمة طهران، التي جمعت الرؤساء الثلاثة لروسيا وإيران وتركيا وهي الدول الضامنة لاتفاقية أستانة، توقيع اتفاقية كبيرة بين الشركة الروسية العملاقة ( غاز بروم ) مع الشركة الوطنية للنفط الإيرانية، وهذا يؤكد كسر الاحتكار الأمريكي للنفط والغاز العالمي وسرقة الموارد كما تفعل أمريكا وعصاباتها في سورية من خلال احتلالها للأرض السورية وسرقة مواردها وخاصة النفط والغاز وتدميرها للثروة السورية ضاربة عرض الحائط بكل ميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية ، وترافق هذا مع عقد قمة أخرى برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية وعدد من الدول التابعة لها في السعودية وأغلبها بل كلها تقريبا كان لها دور كبير في التآمر على سورية ولم تحضرها تركيا رغم مواقفها المعادية لسورية وهي دولة في حلف الناتو.
ويمكن القول إنه في ظل الصراع على الموارد الاقتصادية فإن القمتين هما قمتان اقتصاديتان بلبوس سياسي وإن سورية هي الغائب الحاضر بدليل قيام السيد وزير الخارجية والمغتربين الدكتور فيصل المقداد بزيارة إلى طهران بعد صدور البيان الختامي لقمة طهران ، وخاصة أن البيان الختامي للقمة تضمن إدانة واضحة للعصابات الإرهابية والانفصالية واستئصال مرتكزات الإرهاب وأعمال القرصنة وسرقة الموارد الاقتصادية وإدانة وجود القوات الاحتلالية وضرورة المحافظة على سيادة الدولة السورية وحكومتها على كامل الأرض السورية وحماية المواطنين السوريين والبنية التحتية السورية وعودة المهجرين السوريين الذين هجرتهم العصابات الإرهابية من مناطقهم وبيوتهم ، فهل بدأ العدّ التنازلي للقطبية الأحادية وسيطرة دول الغرب والناتو على القرارات الدولية مدعومة بسيطرة وهمية للدولار الأمريكي وبشكل مخالف لمبادئ علم الاقتصاد، إذ إنه غير مغطى بالذهب ولا بالإنتاج ، بل على العكس فإن المجتمع الأمريكي تحول من مجتمع إنتاجي إلى مجتمع استهلاكي وأكثر من /70%/ من مكونات الاستهلاك الأمريكي الكلي هي من الخارج أي من مصادر إنتاجية خارجية ، وهذا يفسر تزايد عجز موازناتها السنوية وارتفاع قيم الدين الخارجي وبما يتجاوز /112%/ من ناتجها الإجمالي البالغ بحدود /21/ تريليون دولار ؟، وهل سنشهد نشاطا كبيرا للتحالفات الاقتصادية من ( البريكس وشنغهاي والاتحاد الروسي ..إلخ ) ، وتستكمل دول أمريكا اللاتينية التحرر من السيطرة الأمريكية والتأكيد على أن أمريكا اللاتينية لم تعد الحديقة الخلفية للولايات المتحدة الأمريكية؟ وهل تؤكد الإدارة التركية التزامها بما تم الاتفاق عليه في قمة طهران ، وخاصة أن لقاء بوتين مع أردوغان هو أول لقاء روسي مع دولة في الناتو منذ الحرب الروسية- الأوكرانية، وتجدر الإشارة إلى أن الحكومة التركية لم تلتزم سابقا بالاتفاقيات التي وقعت في سوتشي سنة /2019/ وفي تركيا وغيرهما ووضعت عراقيل أمام نجاح اجتماعات اللجنة الدستورية السورية، حيث تتمسك المعارضات السورية المحسوبة على تركيا بتنفيذ أجندات خارجية ، فهل سنشهد تحولات كبيرة على الأرض السورية، أم ستحاول الحكومة التركية استغلال تداعيات الحرب الروسية- الأوكرانية وتمارس النفاق السياسي كما مارسته سابقا وتتجاوز التحذيرات الروسية- الإيرانية الشديدة اللهجة لها وأن أي عملية عسكرية ضد سورية هي دعم مباشر للإرهاب والحركات الإرهابية وخروج عن مقررات أستانة وتتناقض مع جوهر البيان الختامي لقمة طهران؟، وهل تتخلى تركيا عن دعم العصابات الإرهابية والانسحاب من الأرض السورية التي احتلتها والاحتلال هو أعلى وأول مراتب الإرهاب ، ويتم التأكيد على أن سيادة الحكومة السورية على أرضها وقرارها هو خط أحمر ، وهل ستتم العودة إلى اتفاقية أضنة سنة /1998/ التي ضمنت الأمن التركي بشكل كامل؟ وهل ستكون هذه القمة هي طوق نجاة لأردوغان وحزبه وخاصة أن لديه انتخابات رئاسية في شهر حزيران سنة /2023/ ولاسيما أن تركيا لم تحضر قمة جدة وهي دولة في حلف الناتو ولا تزال متمسكة بموقفها السلبي من انضمام ( فنلندا والسويد ) إلى حلف الناتو ، وبالتالي يمكن القول إن سورية كانت هي الأهم في هذه القمة فهل تطبق الإدارة التركية ما تعهدت به؟ وهل ستؤكد تركيا بخروجها عن سياستها العدوانية وتتجاوز العلاقات العدائية مع دول الجوار وتتراجع عما تدعيه من إقامة “منطقة أمنية ” وتقتنع بأن أمنها هو من أمن دول الجوار …الخ ، كل هذه الأمور ستتوضح خلال الأيام القادمة وستضع السياسة التركية على المحك الحقيقي ولا سيما أن الأحداث أكدت أن العالم يتغير وأن أمريكا لم تعد قدرا لا بقوتها ولا بدولارها بدليل فشل العقوبات الاقتصادية على روسيا وإيران، فقد فشلت المحاولات الأمريكية- الغربية في عزل روسيا وتحجيم وجودها في سورية الذي جاء بطلب من الحكومة السورية الشرعية ، نتمنى أن يتحقق ذلك ولكننا تعودنا عدم الثقة بالسياسة الأردوغانية التركية ، فهل ترسخ قمة طهران الأمن والاستقرار لسورية وتنهي عهد العربدة؟!.