سباق على زرع الأوتاد في إفريقيا

علاقات الدول مع بعضها ، تشبه إلى حد كبير علاقات الأشخاص ، فالشخص ذو الماضي السيئ أو الأسود ، مهما حاول تبييض صفحته يبقى الماضي حاضراً عند كل منعطف.

هذا ينطبق على علاقة الغرب الاستعماري مع إفريقيا ، ففي مخيلة الأفارقة سجل أسود على يد المستعمرين القدامى ، وتالياً مهما حاول الغرب محو هذا الصورة فإنها تبقى ماثلة في الأذهان، فكيف إذا كان الحاضر قائماً وفق العقلية والنهج نفسهما ، ويستندان إلى أذرع صندوق النقد والبنك الدولي والقطاع الخاص الغربي؟

لاشك اليوم ، يا ديكارت ، أن القارة الإفريقية تشهد تنافساً وصراع نفوذ بين الولايات المتحدة الأميركية وروسيا والصين وأوروبا.

زيارات لمسؤولي هذه الدول ووعود ، لكن الأفارقة ، لا تنقصهم الفطنة ، ولايمكن أن يلدغوا مرة أخرى.

هذا الأمر وعته روسيا والصين ، لذلك سارعتا إلى التواجد ومد اليد لبناء جسور التعاون ، إدراكاً من موسكو وبكين لما تشكله الدول الإفريقية كأكبر كتلة تصويت جغرافية في الأمم المتحدة ومنظماتها، فضلاً عن كون القارة السمراء ١،٣ مليار في ٥٥ دولة وسوقاً واسعة وواعدة في كافة المجالات .

مع اندلاع الحرب في أوكرانيا وتداعياتها القاسية على العالم كله، ظهرت على بعد آلاف الأميال جبهة أخرى للتصعيد بين موسكو والغرب، ١٧ دولة إفريقية امتنعت عن التصويت في مجلس الأمن في آذار الماضي عن إدانة روسيا .

وفي أيار الماضي أيضاً، امتنعت مالي و34 دولة أخرى عن التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال تصويت على مشروع قرار يدين العملية الروسية .

باريس وغيرها من الحلفاء الأوروبيين قلقون بشكل متزايد بشأن ما يرونه،

كان لابد لموسكو أن تعي الدلالات وتسارع إلى مد جسور الثقة بشكل أطول.

وراحت روسيا تعمل “بهدوء” على إعادة بناء العلاقات مع إفريقيا لتقوية التعاون الاقتصادي والعسكري، ما أثار مخاوف الغرب بشأن أهداف موسكو التي أدركت أن مرامي الغرب ، من خلال وجوده في جميع الصراعات تقريباً في إفريقيا.

اليوم يمكن رؤية التنافس الذي يعكس اوجه الصراع الفرنسي- الأوروبي من جهة، والروسي من جهة أخرى إلى جانب الصين التي أوجدت هي الأخرى مكاناً مهماً في إفريقيا .

الرغبة كبيرة ، ومحمومة لدى الجميع لتثبيت الأوتاد في القارة السمراء حيث منابع الثروات الطبيعية والأسواق الكبيرة والمواقع الجيوسياسية .ثمة عوامل تساعد البعض ، وتكون كابحة للآخرين هذا بات مفهوماً ، فليس لدى موسكو وبكين ، ماض استعماري ، وليستا حاميتين لصناديق الابتزاز والهمينة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار