“جاجة ” وعنق زجاجة..!!

أستاذ لغة عربية يحكي عن إحدى حصصه المدرسية بحضور مفتش توجيهي، وتلاميذ فصل يتزعمه أكسلهم وأشغبهم، التلميذ حرض الشعبة بأكملها على التذمر أمام المفتش بحجة صعوبة مادة اللغة العربية وعدم فهمهم لأسلوب المدرس.

الموقف المحرج للمعلم استطاع بحكمة الخروج منه وتطويع الصف بأكمله لتغيير رأيهم بالمادة، بعد أن ألغى الحصة الدرسية واستبدلها بلعبة وحزورة مرسومة على السبورة مضمونها (زجاجة في داخلها دجاجة) والحزورة كانت: من يستطيع إخراج الدجاجة من عنق الزجاجة من دون كسر الزجاجة ومن دون أذية الدجاجة؟

محاولات الصف بأكمله باءت بالفشل وعبر أشغبهم وأنصحهم عن استحالة تحقيق النتيجة المطلوبة من دون كسر الزجاجة أو قتل الدجاجة!

فردّ عليه المعلم برفض الأجوبة بحجة خرق شروط الحزورة، ليرد عليه الطالب بتهكم: قل إذاً لمن وضعها بأن يخرجها كما أدخلها في عنق الزجاجة!!

حينها صرخ المدرس بأعلى صوته: أحسنت هذه هي الإجابة الصحيحة، من وضع الدجاجة في الزجاجة هو وحده من يستطيع إخراجها من عنقها.

واستطاع المعلم بعد تلك الحصة إحداث التغيير بعقول الطلاب وعلى رأسهم عنيد الشعبة ومشاغبها.

 

صورة العنيد والترس عقله، شخصية حاضرة في المحيط القريب جداً ، لدرجة مستحيل ألا تكون قد تقاسمت يوماً أوكسجين المكتب في مؤسستك أو بقالية حارتك، أو حتى الكنبة الكبيرة في غرفة معيشتك مع عنيد يوتر يومياتك، خاصة أن العناد بات صفة مكتسبة أي إنه يمكن أن ينتقل بالعدوى كما لو كان تثاؤباً فيما لقي بيئة -فارغة- حاضنة.

لكن أن تنتقل عدوى التناحة والأفكار الجاهزة حد التعصب والافتتان بكل ما هو مبرهج ومسموع أو مكتوب على شاشات التلفزة أو صفحات التواصل الاجتماعي، فهذا والله مؤشر سلبي وحالة محدثة لأمراض الساعة الشائعة، وهدم بمعنى الكلمة لكل حواريات الحكماء والفلاسفة.

فعدوى تدوير البرامج الترفيهية -إن اشتغلت بمهنية- مقبولة جداً، وتعميم صورة إلكترونية ذات مغزى حالة صحية، لكن قولبة الفكرة الغلط واعتناقها حد المحاججة بها وقص ولصق وحكي مجاني على «الفاضي والمليان» بعقول (مترسة) هو سلوك يحتاج إلى التوعية وافتعال حصص درسية منوعة تظهر عنق الزجاجة سليمة فيما الدجاجة تتمختر على «الدقة ونص» بجوارها!.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار