تدخل الآباء في اختيار التخصص الجامعي للأبناء يعوق نجاحهم

دينا عبد:

حلم يراود الآباء والأمهات باختيار تخصص رفيع المستوى لأبنائهم بصرف النظر عن مدى قدرتهم على النجاح في هذا التخصص، وفي المقابل يرغب الابن في تحقيق أحلامه وفق ما يناسب ميوله وقدراته..

هنا يبدأ الخلاف، فالوالدان يريان أنهما أكثر خبرة وقدرة على تحديد مستقبل أبنائهم، في حين يعدّ الأبناء أن لهم كامل الحرية في اختيار مستقبلهم.

ولكن في الحقيقة تؤثر الاختيارات غير المناسبة في أحيان كثيرة على الأبناء وعلى نجاحهم في المستقبل.

هبه درويش طالبة حصلت مؤخراً على الشهادة الثانوية، بينت أن نسبة كبيرة من الطلبة يعتمدون على اختيارات أسرهم في تخصصهم الجامعي، مشيرة إلى أن الأسرة تلعب دوراً كبيراً في إثارة الطموح لدى أبنائها، وتحديد نوعه ومستواه، فهناك فرق بين ما يطمح إليه الإنسان؛ وما هو حاصل عليه أو ما يستطيع تحقيقه في الواقع، فكلّ إنسان يطمح ويخطط ويضع نصب عينيه الآمال الكبيرة ثم يسعى لتحقيقها.

وبينت ميس شعبان طالبة جامعية بأن للأسرة دوراً فعالاً في تربية الاختيارات الدراسية والمهنية التي يبدأ الطالب في رسمها منذ اكتشافه، ويتجلّى ذلك من خلال النتائج الدراسية والتناغم الحاصل بين الميل والاستعداد لدى الطالب في بداية مرحلة التعليم الثانوي؛ هذه المرحلة المهمة في حياة الفرد والتي تظهر فيها أهمية تحديد الاختصاص في المستقبل.

سلوى حمدان اختصاصية اجتماعية بينت أن التدخل في تحديد مستقبل الأبناء يبدأ منذ الطفولة، وذلك انطلاقاً من السؤال التقليدي ماذا تريد أن تصبح عندما تكبر؟ الذي يطرح على جميع الأطفال؛ لافتين إلى أن الطفل يأخذ منذ صغره توقعات الأهل حول مستقبله، ويصبح ملزماً أمامهم وأمام المقربين والأصدقاء بهذه التوقعات ما يجعله في حالة صراع بين نفسه وبين قدراته وطموحاته؛ وبينت أن الطلاب في جميع مراحل حياتهم في حيرة من أمرهم ومشتتون أحياناً، لأن بعضهم يرى أن توقعات الأهل هي الأساس في تحديد تخصصاتهم الجامعية والوظيفية، مع تغييب رأيهم في كيفـية رؤية مستقبلهم.

وأشارت إلى أن توقعات الأهل تجعل الأبناء لا يعرفون ما يريدون، مشددة على أن الأطفال والمراهقين اليوم لا يعلمون ما الذي يريدونه رغم الخيارات الكثيرة المتاحة أمامهم، ويرجع السبب الرئيس في ذلك إلى الأهل لأنهم لا يناقشون خيارات أبنائهم، وتستهزئ الكثير من الأسر من رغبات أطفالها في الحصول على وظائف، ومهن لا ترقى إلى مستوى طموحاتهم الاجتماعية، حيث ترتبط الكثير من الوظائف التي يشغلها الأبناء بالوجاهة الاجتماعية للعائلات.

لافتة إلى أنه في الكثير من الأحيان لا ينجح الوالدان في اختيار التخصصات التي تتناسب مع مؤهلات الأبناء العلمية، ما يؤدي حتماً حينما يرغمون أبناءهم على دراسة التخصص الذي لا يتناسب مع قدراتهم إلى انعكاس النتائج السلبية على مستقبلهم ككل، فلا شك بأن التخصص الجامعي يرتبط بالوظيفة والمهنة المستقبلية.

فمن بين أسباب تدخل الآباء والأمهات في تحديد الاختيار الجامعي لأبنائهم، عدم ثقتهم في قدراتهم على اختيار الاختصاصات، بالإضافة إلى الرغبة الدائمة في التباهي والتفاخر أمام المقربين والأصدقاء، منبهين إلى أنه في أغلب الأحيان يسعى الأهل إلى تحويل مستقبل أبنائهم إلى نسخة من أحلامهم التي لم يحققوها في حياتهم.

وشددت على ضرورة أن يحدد الطالب بنفسه المجال أو التخصص الذي يتناسب مع قدراته التفكيرية، ومع ميوله العلمية حتى لا يواجه صعوبات قد تهدد مسيرته الدراسية في المستقبل، إذ ينبغي على الطلاب أن يفتحوا مجال التحاور والتشاور مع أولياء أمورهم حتى يتم اختيار التخصص الذي يتناسب معهم.

وأضافت: إن الطالب يمكن أن يستجيب لوالديه في دراسة تخصص معين ثم تواجهه بعض الصعوبات التي قد تهدد مستقبله، لأنه يدرس ما هو بعيد عن رغبته، وحتى إذا أكمل الدراسة يمكن أن يكون غير ناجح مهنياً، لذا يجب ألا يتدخل الآباء في تخصصات أبنائهم سوى بالنصح فقط وألا يكون النصح بمثابة قرارات غير قابلة للنقاش.

وبينت دور التكنولوجيا وأثرها الإيجابي على الناجحين، حيث يمكن لهم تصفح كل المعلومات الخاصة بالتوجه الجامعي عن طريق الإنترنت، كما تساعدهم في معرفة تفاصيل التخصصات التي يختارونها، والجامعات التي يرغبون في الالتحاق بها، ويجب على أولياء الأمور أن يبتعدوا قدر الإمكان عن التدخل لاختيار التخصصات بصورة إجبارية، وباستعمال سلطتهم على الأبناء لأنّ هذا الأمر يقود إلى الفشل حتماً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار