الاختلافُ سبيلٌ.!
نزعم أن الأدباء سيظلون مختلفين حول تقييم تجاربهم الإبداعية، في ضوء محطات كثيرة من حياتهم، وسيظل الأفق مفتوحاً للحوار حولها، إلى أن تتقارب وجهات النظر أكثر فأكثر.. فإن نظل نحكم على أديب من منشوراته على صفحة الـ«فيسبوك» خاصته، في فترة ما، سواء كانت منشورات قليلة أم كثيرة، متعمدين تنحية تصريحاتهم الصحفية التي تناقض مضمون منشوراتهم، والتي تنفي كل ما يدينهم، بل وتؤكد براءتهم مما ينسب لهم، لأنها هي المعوّل عليها في التقييم بما أنها تجسّد وعيهم بشكل دقيق، على خلاف المنشورات التي تُكتب غالباً تحت وطأة الانفعال الشديد الذي يكون في منأى عن التفكير الرزين, كما أن تأثير أي منشورات يضعف إن لم يكن لِمُطْلِقَها متابعون كثيرون، فأن يكون لأديب ما، بعض المتابعين لا يتجاوزون الألفي متابع إلّا بأعداد قليلة، ما يعني عدم قدرة منشوراته في التأثير.. وفي زعمنا لا يوجد أديب عربي له ذلك التأثير بوساطة منشوراته، ولا يتمتع أي أديب بمتابعين على غرار معشر أهل الفن سواء في مجال التمثيل أو الغناء. والأهم في اعتقادنا، إن كانت المنشورات ذات محتوى غير إنساني، لن تكون مؤثرة إلّا في الذين في ذواتهم بذرة تفكير غير إنسانية، أو أي بذرة سلبية وفق مضمون المنشور السلبي, وفي ضوء ذلك يفترض بالأدباء حين الحوار حول أي مسألة ألّا تأتي وجهة نظرهم مهما كانت مخالفة، لإقناع الآخر برأينا كيقين، وأن غيرنا لا يفهم في المجال الذي يحاور فيه، خاصة إن كان في تخصصه المهني أو العلمي, فالحوار ليس الهدف منه إقناع الآخر بوجهة نظر أحادية لطرف من دون الآخر، بل هو فرصة، كما سبق أن طرحنا في مقالة سابقة، للتفكير الجماعي، حتى لو ظل الاختلاف قائماً، ولبناء جسر مشترك على طريقة رقص الثنائيات، فلا يمكن لأحد أن يتباهى بقدراته على شريكه ليظهر أنه يؤدي بشكل أكثر مهارة منه، لأن الرقصة ستصبح في خبر كان، وسيقع أحد الطرفين، إن لم يقعا معاً. إذاً فلا بدّ من احترام كل طرف للآخر ليكتمل مسار الرقصة وتأخذ شكلها الجمالي المطلوب، وكذلك الحوار ليستديم تحفيز العقل على التفكير، ويستديم الودّ معه.