المُصطلح الموارب

لا أظن أنّ ثمة مصطلحاً مُربكاً، وتمّ الاختلاف عليه، ونال الكثير من الجدل والسجال، أكثر من مُصطلح “التراث”؛ يأتي ذلك من مفردة المُصطلح نفسه، الذي لم يُحسم أمر تعريفه إلى اليوم، كما لم تُحسم مسألة ماهية التراث، وما هو ذلك الذي نُطلق عليه تراثاً دون غيره، وكيفية استخدامه، وماذا نحتفظ من التُراث ونظهره، وما هو الجانب الذي يجب علينا رميه في مزبلة التاريخ.
التُراث الذي هو في أبسط تعاريفه:”خلاصة ما خلَفته (ورثتّه) الأجيال السالفة للأجيال الحالية.” لكن ما ورثتّه الأجيال السالفة للاحقة أموراً كثيرة؛ فهل يدخل كل ذلك ضمن هذا “المُقدس التراثي”؟! وكيف يُمكننا استخدام هذا التراث الذي ينجو من الشبهة، وهل كل ما ورثناه هو تراثنا حقاً؛ تُراث صافٍ لا لبس في أصالته؟! ألا نحتفي اليوم بالكثير مما ورثناه عمن كان مُستعمرٌ لنا ومحتلاً، فكيف نتخلص منه أو نُميّزه عن تراثنا الحقيقي؟
وحسب تعريف موسوعة ويكيبيديا؛ فإنّ التراث هو ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب وفنون ونحوها من جيل إلى جيل، نقول:” التراث الإنساني، التراث الأدبي، والتراث الشعبي. حيث تستخدم مواد التراث في إعادة بناء الفترات التاريخية الغابرة للأمم والشعوب والتي لا يوجد لها إلا شواهد ضئيلة متفرقة وتستخدم أيضا لإبراز الهوية الوطنية والقومية والكشف عن ملامحها.
من جهتي أرى أن التراث هو “تاريخ” لكنه ليس كل التاريخ، فإذا كانت الأمانة التاريخية تقتضي أن نُسجلها كما وقعت أحداثها دون تزوير، بكل ما فيها من إيجابي، وبكل ما فيها مما يندى له الجبين؛ فإن التراث هو “الناصع” في ذلك التاريخ فقط، الناصع الذي يُمكن استثماره بأكثر من شكل ولأكثر من هدف وغاية، يبدأ من تسجيل ملامح أمة والتعريف بها كهوية، وحتى البناء عليه بشكلٍ معاصر، ومن ثمّ رمي كل ما تبقى ذي اللون الأسود أو الأحمر، وكل ما ورثتّه الأجيال السالفة لللاحقة للتاريخ الصرف وللعبرة.
ومن هنا ثمة من يرى إن “القاعدة الأبسط في التعامل مع الموروث؛ هي كل ما يتوافق مع أولويات الحياة” وكل ما يتعارض مع هذه الأولويات يجب رفضه، ونفسره بمصالح تاريخية مرتبطة بعصر مضى.
هامش:
لاتزال تغذُّ السيرَ؛
سلحفاةٌ
تظنُّ أنها تُسابقُ أرنباً.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار