“استقلالُ سورية” كتابُ الإجابات الموثقة عن التساؤلات 

حنان علي 

مشرقاً بباكورة نشوء الكتلة الوطنية ومدى ارتباط مسارها بالكفاح الشعبي، موضحاً أثرها في تحقيق الاستقلال، شارحاً التعامل مع نكبة فلسطين، خاتماً بعلاقتها العربية والدولية، (استقلال سورية ما بين الكتلة الوطنية والثورات الوطنية 1927-1946 ) كتابٌ ثريّ صدر عن دار بعل بدمشق لمؤلفه الدكتور محمد إبراهيم الحوراني، رئيس اتحاد الكتاب العرب في سورية، حيث قدّم قراءة للأحداث بوساطة وثائق ومذكرات رجال الدولة، جنباً إلى جنب مع آراء ومدونات ولقاءات مع معمرين معايشين لأحداث تلك المرحلة.

سياسة الانتداب والثورة السورية

يتناول الكاتب في الفصل الأول لكتابه أوائل الوعي القومي ومحاولات القضاء عليه من المستعمر المتآمر على الحس القومي العربي المروج للحس القومي الإقليمي الانعزالي. في حين حاولت الصحافة العربية آنذاك مكافحة التيار الاستعماري ساعية لدعم العروبة وتثبيت الواقع القومي. كما ذكر الكاتب المرحلة التي مرت بها سورية قبل تأسيس الكتلة بدءا من محاولات التقسيم الاستعماري وصولاً للتفتيت وممارسة سياسة التبعية الاقتصادية الانتدابية لفرنسا، موضحاً مواقف السياسيين والصحافة، منهياً بتمجيد المواقف الوطنية. والثورات على المحتل الفرنسي كان لها حصة مستفيضة من الفصل ومن بعدها دور بعض الأحزاب السياسية.

بدايات الكتلة الوطنية

تأسيسٌ استهله د. الحوراني بتراجع الكفاح المسلح قبل مخاض الولادة. منذ الانقسامات في الحركة الوطنية و التدخل الفرنسي، الذي ألحقه الوطنيون بتعريةٍ لفرنسا أمام المحافل الدولية. ثم قام الكاتب بتسليط الضوء على المرحلة التالية المترعة بالانتخابات والتحالفات واجتماعات للجمعية التأسيسية، ذاكراً المعوقات من تعطيل وتأجيل، مستحضراً فجيعة البلاد بوفاة إبراهيم هنانو وتصدع الكتلة و بداية ضعفها.

قادة حقيقيون

أورد الكاتب ذكر التجاذباتُ السياسية التي سبقتْ معاهدة 1936 وتهيئة الأجواء لعقدها، ثم أوضح الكاتب ما أحاط بأعضاء الوفد السوري المفاوض من شبهة بالعلاقة مع الماسونية، فضلاً عن المقارنة بين المعاهدة وما سبقها من معاهدات. يقول الحوراني:”لا يمكن في كل حال من الأحوال الحديث عن رجال تلك المرحلة بصفتهم قادة استقلال، لأن قادة الاستقلال الحقيقين هم الثوار الحقيقيون الذين حملوا السلاح وخاضوا المعارك للوصول إلى النصر والاستقلال من أمثال صالح العلي وإبراهيم هنانو ورمضان الشلاش وأحمد مريود وغيرهم”.

وثمة “نقمةٌ داخليةٌ وتكريسٌ للمشاريع الغربية” وفق الكاتب، مشيراً إلى أن إبرام المعاهدة والسنوات القليلة التي تلتها، كان بداية لمسلسل الانحدار التاريخي للكتلة الوطنية في سورية، إضافة إلى انحدار إرهاصات المشاريع القومية الوحدوية. خاصة أن ضيق أفق البرجوازية السورية جعلها لا ترى إلا مصالحها. في حين أبدت القوى الجماهيرية ثورية أكثر و تشبثاً بالحقوق فاق ما تقدمه البرجوازية الحاكمة، مشكلة معارضة راديكالية كانت قاعدتها الأساسية دخول الجماهير الشعبية إلى حلبة الصراع ضد الاستعمار والاقطاع والرجعية الداخلية.

الاستقلال

في الفصل الخامس لكتابه “استقلال سورية ما بين الكتلة الوطنية والثورات الوطنية” تحدث المؤلف عن بداية عهد الاستقلال والتوجه القومي المجابِه للصعوبات، مورداً تطور الأحداث السياسية من معارضات واحتجاجات، متطرقاً للمشاريع الاتحادية العربية بدءاً من مشروع الاتحاد العربي ومشروع الهلال الخصيب ومشروع سورية الكبرى ، وصولاً إلى جامعة الدول العربية. ثم أوضح استماتة فرنسا لبقاء الانتداب مستخدمة كل وسائل العدوان وما تضمنته هذه المرحلة من تدخل بريطاني ، تلاها تأجج الثورات التي عمت البلاد وصولاً إلى حصاد الاستقلال . ليختم الكاتب في فصله الأخير بفرحة الاستقلال التي لم تتم بسبب ضياع فلسطين، ذاكراً الظروف الداخلية والخارجية التي نتج عنها الجلاء، إضافة إلى المهام التي تولتها الكتلة فيما بعد، بما يخصّ القضايا العربية، وعلاقات سورية الدولية بعد نكبة فلسطين.

وقام الكاتب بإلحاق كتابه بجداول تضمنت مواصفات قيادة الكتلة الوطنية، و بيانات تخصّ أعضاء الكتلة. كما أرفق وثائق عديدة خاصة بالكتلة الوطنية: القانون الأساسي و شروط التفاوض والبيان، إضافة إلى نص المعاهدة السورية الفرنسية ورسائل عبد الرحمن الشهبندر إلى حسن الحكيم ونزيه المؤيد.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار