كيف هيمنت الولايات المتحدة على سويفت؟
مها سلطان
الولايات المتحدة حضّرت لهذا الأمر منذ عام 1969 لضمان استمرار هيمنة الدولار العالمية وفي الوقت نفسه الحؤول بشكل نهائي دون بروز أي أزمة وجودية له مستقبلاً.
في ذلك العام دفعت الولايات المتحدة بصندوق النقد الدولي نحو إصدار ما يسمى حقوق السحب الخاصة كأصول حسابية دفترية مرتبطة بالدولار بشكل رئيسي، وكان هذا الإصدار بمنزلة أرضية جيدة لمواجهة أزمة الطاقة عام 1973 والالتفاف عليها لربط الدولار بالنفط على أرضية تشكيل نظام مالي جديد (سويفت) على أنقاض نظام بريتون وودز.
في عام 1976عقد صندوق النقد الدولي اجتماعاً في العاصمة الجامايكية كينغستون، وخلص إلى قرار بترك الحرية للدول في اختيار نظام الصرف الخاص بها، وتشجيع «حقوق السحب الخاصة» كأصول احتياطية عالمية.. وطبعاً كان هذا الهدف مزيفاً، مهمته التعمية على الهدف الأساسي للولايات المتحدة، إذ إن الجميع كان يعلم أن «حقوق السحب الخاصة» لن تحل محل الدولار، ولن تنزع عنه صفته كـ «عملة دفع دولية». ومع ذلك لم يكن هذا كافياً لتطمئن الولايات المتحدة.. فكان لا بد من «سويفت».
الآن، عندما يتم ربط نشوء نظام سويفت بالحاجة الاقتصادية العالمية لضبط الأسواق وإعادة التوازن لها، وعندما يتم ربطه بالتطور التكنولوجي الهائل لوسائل الاتصالات.. فإن هذا الربط صحيح تماماً، لكن الصحيح أكثر أن تأسيس سويفت يرتبط كلياً بالاقتصاد الأميركي وضمان استمرار الولايات المتحدة في مراقبة هياكل المدفوعات الدولية وتتبعها.
سويفت ليس نظاماً لإدارة الحسابات المصرفية أو تسوية المدفوعات الدولية للتقليل من كمية النقد السائل وتحقيق الانضباط المالي.. بل هو آلية لإرسال الرسائل المالية بين المؤسسات والشركات المعنية تضمن استمرار الطلب على الدولار.. كيف؟
لا تستطيع الولايات المتحدة الحفاظ على هيمنة الدولار دون احتكار البيانات التي تقيس حجم المدفوعات الدولية بهذه العملة أو تلك. هذا الاحتكار لم يكن متاحاً في نظام «التلكس» السابق الذي اعتمد على بنية تحتية قديمة (خطوط الهاتف والتلغراف) حيث كانت المراسلات تجري بشكل ثنائي دون الحاجة إلى تدخل طرف ثالث. يقول ماركس:«باتساع التبادل البضائعي تزداد سلطة النقود..هذا الشكل الاجتماعي المطلق للثروة هو دائماً على أهبة الاستعداد القتالي» وهذه حال الولايات المتحدة.