في وقت يبحث فيه عامة الناس عن أماكن يقون فيها أنفسهم من قيظ الأيام الحارة نجد أناساً يصلون الليل بالنهار ليقدموا لنا رغيفاً طازجاً ما أمكنهم ذلك لكون بعض الأفران أصبحت متقادمة لدرجة لم تعد تنتج خبزاً جيداً ولأسباب تتعلق بغياب مدخلات جيدة للإنتاج بدءاً من الطحين متفاوت الجودة ومختلف الألوان ونسب الاستخراج المتدرجة حسب رغبة صاحب المطحنة والشبكة «الغلوتينية» للقمح المستورد والخميرة وانتهاء بخطوط إنتاج أصبحت بحاجة للتجديد فعلاً .
في الأعياد والمناسبات نجد عمال المخابز في حمص منتشرين كجنود مجهولين في 20 مخبزاً ينتجون 220 ألف ربطة تقريباً يومياً، ويقول القائمون على تلك الأفران : بغض النظر عن صفة العاملين الوظيفية فهم يتقاضون حوافز إنتاجية تحت مسمى “ساعات عمل طارئة” تبدأ من 45 ألف ليرة و تصل إلى حد 75 ألفاً شهرياً .
وإذا اعتبرنا أن هذا الحافز مجزٍ نكون كمن يضع يده أمام عينيه لكي لا يرى حقيقة ما يحدث فعلاً .. فالعمل المضني هذا لن يجني منه العامل سوى أمراض مزمنة قد لا يكون بمقدور مؤسسته أن تعينه مادياً.. لا لشيء إلّا لأن الزمن لم يسعفه ليكون تحت سقف قانون العاملين الموحد وما يترتب على ذلك من ضمان صحي وتأمين على الحياة تجعل من المياومين في هذا القطاع عرضة لعسف الحياة وانتقاد أصحاب الياقات البيضاء الذين يحصلون في النهاية على الأوسمة والتكريم .
منذ سنوات طويلة والمياومون يحلمون بقرار يتمكنون بموجبه من الفوز بعقد موسمي يضمن لهم القليل من الطمأنينة وشيئاً من الحقوق، ولكن يبدو أن الفساد وتغافل نقاباتهم عن هذا الأمر حرمهم هذا الحلم بعيد المنال.