الحسرة على الاقتصاد ..! 

في بداية أزمة المحروقات في بلدنا، كانت هناك محطات وقود ( محظوظة ) حيث كان أصحابها يكتبون على لوحات بدائية وأحياناً على الحجارة عبارة ( يوجد لدينا بنزين أو مازوت ) وبعد فترة من تفعيل عمل البطاقة الذكية أصبحت تلك اللوحات البدائية تحمل عبارة ( خدمة البطاقة الذكية ) وبعد التفاعل معها سرعان ما اكتشف المستخدمون إن كان للغاز أو البنزين أو المازوت والخبز والسكر والرز والزيت والمياه .. على أساس أن وجود هذه الخدمة سيوفر كل المحروقات المشار إليها بأيسر السبل .. صعوبة الأمر ..

اليوم نقرأ إعلانات من نوع مختلف، ومن وحي تجاوز حقوق المستهلكين أحد مجمعات الشاليهات في طرطوس من فئة ٥- ٧ نجوم ( الرمال الذهبية ) كتب في إعلانه الترويجي ( لجذب ) المصطافين عبارة ( الكهرباء ٢٤ ساعة ) بعد أن تم تجاوز كل الأنظمة والقوانين خاصة أنها أي هذه الشاليهات أسست بناء على قانون التعاون السكني وليس لها أي صفة سياحية، على اعتبار أن ” موضة ” الخطوط الساخنة تعطى للمنشآت السياحية علماً أن الشاليه الواحدة بمساحة غرفة وصالون تؤجر بـ ٣٥٠ – ٤٥٠ ألف ليرة في الليلة الواحدة وأن مساحة غرفتين وصالون بين ٤٥٠ – ٨٠٠ ألف ليرة في اليوم وتحتاج إلى خطوط ساخنة من حصة المواطنين.. ولن نسأل عن كمية الكهرباء ولا أسعارها.. فمهما كانت هذه الكمية قليلة يمكنها إرواء عشرات القرى العطشى لكن النفوذ فعل فعلته، فبدل أن تقوم هذه الشاليهات بتركيب ألواح الطاقة الشمسية، تدفع مليارات الليرات ( للبهنكة ) الدعائية واستجلاب المصطافين بحجة أن الكهرباء ٢٤ ساعة ..

” قرية ” أخرى تصل أجرة السويت فيها إلى ٦٨٠ ألف ليرة في الليلة تبيع الشاليهات وكل الخدمات بعشرات أضعافها.. مثلاً عندما كانت شركات الكهرباء تبيع الكيلو بـ ٤٠ ليرة، كانت تبيعها لأصحاب الشاليهات بـ ٩٠ ليرة .. فبكم ستبيعها بعد أن وصل سعر الكيلو إلى ٩٧٥ ليرة ؟! ورغم أن لديها مساحات كبيرة لتركيب ألواح الطاقة فإنها أيضاً تستجر حصة المواطنين من الكهرباء.. ولا يهم أيضاً الكمية فمهما كانت يمكن أن تسهم في إرواء عشرات الدونمات المزروعة بالحمضيات والتي يحاصرها اليباس بسبب قلة الكهرباء.. يمكننا أن نقول الكثير عن الخطوط الساخنة القائمة حالياً في طرطوس والتي هي في طور التجهيز لتفعيلها، وكيف ينعكس ذلك على المواطن .. بمعنى؛ هل ستخفض أسعار الخدمات في المنشآت السياحية؟! بكل ثقة نقول : لا .. وعلى رأي المثل لو أرادت أن تمطر كانت غيمت.. أي لو أن لها هذا الفعل كان انعكس ذلك على المنتجات الصناعية الخاصة بالزراعة كشرائح النايلون الخاصة بالزراعات المحمية وصنادق الفلين.. علماً أن أسعار الكهرباء في الخطوط الساخنة الصناعية هو ٥٥٠ ليرة ..

في كل الأحوال، نعود للقول إنه عندما نشاهد كروبات سياحية على كورنيش طرطوس سنصرخ بالصوت العالي ( ارجعوا ) .. حينها سنقول لتأخذ المنشآت السياحية ما تشاء من الماء والكهرباء لأن ذلك سينعكس على الناتج المحلي .. أم إن تعطى كهرباء ٢٤ ساعة وهي تنتظر ( زبوناً محلياً طياراً ) فهذه خسارة كبيرة للاقتصاد مهما بلغ سعر الكهرباء .. لأن توظيفها للزراعة ولمياه الشرب هو أجدى بكثير مما يتم العمل حالياً .. فماذا تجني الخزينة من تأجير شاليه بـ ٨٠٠ ألف ليرة يومياً .. ومن سويت بـ ٦٥٠ ألفاً .. إنها تذهب إلى جيوب سماسرة العقارات وأصحاب الشاليهات.. والحسرة على الاقتصاد الوطني ..؟!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار