كيف تعيش (غزلان الريم) في بادية الشام والعراق؟

د.رحيم هادي الشمخي

من عقود طوال كان التنوع الحيوي (البيولوجي) تعبيراً عن التعايش الحقيقي المسالم بين المجتمعات البشرية والكائنات الحية الأخرى، والغطاء النباتي والمستعمرات الحيوانية في البوادي والأرياف شكّلا هوية هذا التعايش الفريد الذي صبغ البيئة السورية- العراقية بالتنوع الذي كان ملهماً للدارسين المشغوفين بالكم الهائل من التألق الساحر.
في بادية الشام والعراق كانت قطعان (غزلان الريم) وأسراب الطيور والصقور والأرانب والحيوانات المفترسة تملأ الوهاد، أما في الوقت الحاضر فإن البيئة في بادية سورية والعراق قد فقدت 50 إلى 60% -كما يقول الدكتور (علي حنوش) الخبير البيئي- من مصدر تنوعها الحيوي، ولم تبقَ حيوانات أو نباتات برية كما كانت قبل ستين أو سبعين سنة.
وهكذا نجد أن قطار التقنية قد جرّ الويلات في السياسات البيئية الخاطئة، والويلات على التنوع البيولوجي حتى وصل الحال بالأشخاص العاديين إلى الكفّ عن البحث عن شجرة في البادية لقضاء بعض الوقت تحت ظلها والتمتع بجمال الطبيعة.
وتعد (غزلان الريم) من الحيوانات القديمة التي تعيش في بادية سورية والعراق، وهي نوعان، الأول: الغزال الأليف الذي يعيش مع الحيوانات الأخرى كالأغنام والبقر والجمال في الصحراء، والنوع الثاني: ويسمى الغزال الهائم الذي يعيش وحده مع الحيوانات الأخرى يصول ويجول في الصحراء، وقد ساد الإهمال في الآونة الأخيرة، وعدم الاهتمام بـ(غزلان الريم) في البادية من قبل الجهات الزراعية ومراكز البحوث المعنية بهذا الشأن، فأصبح الهزال بادياً على الغزلان نتيجة عدم الاهتمام بها، ما يهدد بهلاكها جميعاً، كما أن مربي هذه الغزلان لا يملكون العلف الكافي من الحنطة والشعير والذرة والغذاء المركز، وهي اليوم تمرّ في حالة جوع تهدد حياتها.
غزال الريم السوري والعراقي في بادية الشام والعراق هو من الحيوانات النادرة جداً، ولحمه من أطيب اللحوم، هو اليوم مهدّد بالانقراض، وإذا ما فقدناه فنحن سنفقد أعداداً مهمة تمثل قيمة بيئية ترتبط بالتنوع الحيوي، رافقت المشهد البيئي السوري والعراقي منذ آلاف السنين، ونحن نحتاج حلولاً آنية عاجلة –كمرحلة أولى- ثم خطة بعيدة المدى لضمان تدفق متطلبات العناية بالحيوانات.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار