دور الوالدين في تنشئة الأسرة الإيجابية إبان الأزمات
د. رحيم هادي الشمخي:
تشتد الحاجة إلى فاعلية الأسرة الإيجابية إبان الأزمات، ولاسيما في الحفاظ على الأولاد ورسم المسارات المستقبلية لحياتهم في ضوء تجارب الوالدين، وما يطمحان إليه من مستقبل مشرق بهي لأبنائهم.
وتعدّ هذه المهمة من أصعب المهمات الأسرية، ففي البلدان المستقرة مجتمعياً وسياسياً، تكون الأهداف والخطوات واضحة ولا تخضع للظروف، وإنما لاجتهاد الفرد في تحقيق طموحاته المستقبلية، وما يريد أن تكون عليه، فهناك شباب يسعون إلى تحقيق طموحاتهم العلمية أو طموحاتهم الحرفية وتطوير مهاراتهم في مشاريع خاصة مستقلة عن النشاط العام للدولة، أو طموحات رياضية وفنية وإبداعية، وتتحمل الأسرة أعباء كبيرة وتبذل جهداً كبيراً في بناء الروح المتفائلة لدى الأولاد، وزرع الأمل في المستقبل الذي يحقق الرفاهية لأبناء الوطن، كما أن غرس الإيمان في نفوس الأطفال يؤدي إلى زيادة القوة على ممارسة الحياة اليومية في البيت والمجتمع، وأن قوة الإيمان تزرع وتعزز الأمل في مستقبل مشرق، ما يبعدنا عن الوقوع في دائرة اليأس مهما تعرضنا لضغوطات اجتماعية أو اقتصادية أو نفسية.
والحقيقة أنه من واجب الأسرة السعي دوماً إلى تنمية الشعور بالتفاؤل لدى أولادهم، وزراعة الأمل والطمأنينة بتغيير الحال نحو الأحسن، وذلك من خلال (سرد القصص الواقعية) عن تغيير الحال بشكل عام وعودة الحياة إلى مساراتها الطبيعية والتخلص من الآثار السلبية، فواجب الآباء بثّ الطاقة الإيجابية وروح التفاؤل والأمل في الأولاد، ونحن نعرف أن الأسرة تعدّ المنبع الأساس لتوجيه طاقات الأولاد وتنمية توجهاتهم المستقبلية، إذ يتولى مسؤولية ذلك في الدرجة الأساس –الأب والأم – ومن الإخوة الكبار.
لكن تدهور أوضاع الأسرة المعيشية يضطرها إلى الجنوح للتخلي عن واجباتها المعتادة من جراء قلّة إمكانات إعانتهم على تحقيق آمالهم.
نستنتج مما تقدم أن المشكلة لا تكمن فقط في الحكومات، وإنما في الأسرة أيضاً، وهنا يجب على الإعلام عموماً والجهات ذات الصلة التوجه بالخطاب إلى الأسرة، ومنها الشباب الذين هم موضوع المشكلة، لأن تعزيز الدافع والأمل ونقطة الضوء من قبل الأسرة في نفوس أولادها والتضحية قدر الإمكان من أجلهم، إنما يعبر عن وعي متقدم، وهو أفضل بكثير من الحسابات المادية لمعالجة تلك المشكلة.