اتكالية الأبناء على الغير.. هل يتمكن الأهل من تعديل هذا السلوك؟
دينا عبد:
في ظل تغير الظروف باتت الكثير من الأمور تأخذ مجراها غير الصحيح، لذلك أصبحت بعض الأسر تعاني ظاهرة اتكالية الأبناء على الآباء هذا ما ينتج عنه جيل متقاعس ؛ ولكن للأسف نجد الآباء والأمهات الذين يشكون من اتكالية أبنائهم هم السبب في غرس هذا السلوك في نفوسهم دون أن ينتبهوا من خلال الإفراط في الاهتمام الزائد بهم في الصغر .
وخطورة هذه الظاهرة تكمن بأنها لاتبني شخصية صحيحة تقتصر على الأسرة الصغيرة بل تمتد للأسرة الكبيرة الاصدقاء والبيئة والاقارب وغير ذلك .
لذلك فإن العديد من الدراسات تؤكد أن الخطوة الأولى لمحاربة السلوك الاتكالي تبدأ من الأسرة التي يجب عليها أن تربي أبناءها على الثقة بالنفس والاستقلالية وحب العمل منذ نعومة أظفارهم كذلك تدريبهم على القيام بالأعمال بأنفسهم .
لا تخفي “أم وليد” أنها السبب في اتكالية أبنائها عليها، موضحة أن ذلك يعود إلى فقدانهم الأب وهم صغار الأمر الذي جعلها الأم والأب معاً، فكانت تقوم بجميع الأعمال بنفسها من سداد للفواتير ومصاريف البيت وإنهاء أي معاملات ضرورية وحتى المنزل عندما قامت بتجديده لم تجد من يساعدها من الأبناء بسبب اعتمادهم عليها ؛ لكنها أدركت خطأها في عدم تدريب أبنائها على الاعتماد على النفس فحين تزوجت ابنتها الكبرى كادت حياتها الزوجية أن تنهار والسبب تقصيرها في واجباتها المنزلية من طهي وتنظيف وعدم عنايتها بأطفالها واعتمادها على الخادمة التي أصبحت عملياً هي مدبرة المنزل .
وبمرارة يتحدث (خلدون) عن جيل هذا الزمن الذي بات همه فقط الأخذ من دون عطاء وكل ذلك سببه التربية الخاطئة التي جعلت الشباب متكلين كلياً على أهلهم في كل صغيرة وكبيرة فباتوا كسالى هدفهم فقط تلبية طلباتهم من دون كلمة شكر ويؤكد أنه قام بتربية أبنائه، على حب العمل والثقة بالنفس والاعتماد على الذات فكان منهم المهندس والطبيب ولكن للأسف أبناؤه لم يسيرو على خطاه في تربيتهم لأبنائهم، فأغلبهم أفرط في تدليل ابنه وابنته أكثر من اللازم ولا يرفض أي طلب لهم فأفسدوهم بالدلال الذي جعل منهم ضعاف الشخصية فاشلين في حياتهم الدراسية ويأخذون حتى الآن مصروفهم من والدهم رغم تخطيهم العشرين .
وبرأيي الاستشارية النفسية والتربوية صبا حميشة أنه كلما كبر الولد يجب أن يكون مستقلاً بذاته بدرجة أكثر، خصوصاً في الجوانب الأساسية من معيشته مع العلم أنه سيستمر معتمداً على والديه في التوجيه والدعم، لكن بعض الأبناء مع كونهم ينمون بدنياً إلا أنهم لا يتطورون كثيراً في شخصياتهم والسبب الاهتمام المبالَغ في صغرهم، وتلبية كل رغباتهم وعدم تكليفهم بأي مهام يومية، تفقدهم خاصية الاعتماد على أنفسهم؛ هنا نجد الابن ضعيف الثقة بنفسه وغير قادر على تسيير أموره.
وترى أنه من أكبر مسؤوليات الآباء في مثل هذه الظروف تربية أبنائهم ، وإيجاد جيل قادر على الاعتماد على نفسه .
وتعتقد حميشة أن مسؤوليات الآباء خطرة رغم سهولتها فهي تدور في المقام الأول حول توفير الفرص لأبنائهم، وتوفير الدعم اللازم لهم لتحقيق أهدافهم .