لقطات
نزعم أن نصف المعمورة قد تعرف الموسيقا التي أراد أن يمتحننا أحدهم، فأطلقها من موبايله الذي ظننا لوهلةٍ أولى، أنها نغمة رنينه، لكن ما إن صدحت حتى باغتنا بالسؤال “لمن هذه الموسيقا؟” فجاوبه أحدنا مسرعاً بحيرة البجع لـ تشايكوفسكي. فكأنه ” انطعج” وبدأ ينكفئ على نفسه، وكان قبل ذلك قد استعرض ما في جعبته من معلومات بدأها بسؤال “ما اللغة؟” من دون أن ينتبه إلى أن ثلاثة من الأربعة الحاضرين الذين تعرّف بهم أكاديميون يدرّسون اللغة العربية وآدابها في الجامعة، وظلّ يستعرض ما حفظه من بعض الكتب، من دون أن يصغي لما يقولون، بل تابع بشكل استعلائي وكأنه يقول للجميع، صحيح أنا طبيب لكنني أعرف مثلكم وربما أكثر.. أمثال هذا الاستعراضي يحتاجون أن يعرفوا أن حفظ المعلومات ليست ميزة، وأن المهم إدراك ما تتم قراءته وتمثّل ذلك سلوكياً أولاً.
2
حال ذاك الطبيب تشبه حال من يظل يتباهى بعدد الكتب التي تحتويها مكتبته المنزلية، وكم جدارٍ تشغلُ وكم كتابٍ يقرأ في الأسبوع، وأنه/ها لم تترك رواية (….) حتى فرغت من قراءتها. وإننا لنجد أن كل ذلك التباهي بعدد الكتب التي قرؤوها ذهب أدراج الرياح، فلا نتاج ثقافياً لهم حتى ولو بمقالة، أو قدرة على ترشيح كتاب للقراءة يمكن أن يفيد الأصدقاء في مجال ما، ربما يفيد بعضهم كمرجع لمقال بحثي، لأن المهم عندهم استمرار التباهي بعدد الكتب التي في حوزتهم وأنهم فئران كتب ليس إلاّ.!
3
على ما يبدو سنظل نختلف حول تقييم بعض الأدباء، في بلداننا العربية، سواء هم أحياء أم بعد رحيلهم، مع أننا أحياناً نظلمهم حين نضع في سلّم التقييم تصريحاتهم الانفعالية، لمنبر إعلامي، أو منشوراتهم على صفحات الـ “فيسبوك”، في حين أننا نعتقد أن ما يدخل في سلّم التقييم، نتاجهم وكتبهم فقط، التي تعتبر آثارهم بعد اكتمال تجربتهم برحيلهم، فالنصوص الأدبية وفق بعض النقاد والباحثين في الأدب، لا تسمح وفق تقاليد الأدب، تمجيد ما هو غير إنساني. ما يعني أن تلك التقاليد لا تسمح للأدباء بإنتاج نصوص تتعصب لدين أو طائفة أو لبث مشاعر كراهية، أو تمجيد القتل أو البشاعة والقبح، فكل النصوص الأدبية بشكل أو بآخر، تدعو للسموّ لأنها لا تمجد سوى الثالوث المقدس: الحق والخير والجمال.