في الذكرى الأولى لرحيله..  شيخ المهندسين خليل الفرا حاضر في ذاكرة دمشق 

ابتسام المغربي

تأخذك. بعض المناسبات بعيدا عن واقع بات كل ما يحدث فيه يقلقك، ويشدك إلى شيء من يأس وإحباط،،، سرعان مانخرج منه في لقاء يرجعنا إلى عز الهندسة ورجالاتها الكبار… ويعيدنا إلى دمشق التي كانت منارة معمارية و كان مهندسوها مشهودا لهم بعظمة ما أنجزوه من أبنية تحكي إلى الآن إبداعاتهم..

خليل الفرا… شيخ المهندسين. جمع بمناسبة ذكرى غيابه الأولى عمالقة الهندسة ومبدعيها ضمن فعاليات ثقافية وعلمية وإجتماعية، تقوم بها كلية العمارة في جامعة دمشق تم اللقاء والحوار الذي قدم شيخ المهندسين خليل الفرا مهندسا وإنسانا…

والشهادات التي قيلت بالملتقىأعادتنا إلى ثراء الهندسة.. وإلى عظمة مجتمع حمى في تلك الحقبة تراثه وعمارته… وإلى تاريخ باتت بعض من ملامحه تتسرب من بين أيدينا… استطاع المهندس المعماري والإعلامي ملهم الصالح أن يجمع اللفيف الراقي من أساتذة الهندسة وعشاقها، وأن يقدم خليل الفرا بذكرى وفاته الأولى خير تقديم..

. رمز إنساني ومعماري

عميد كلية العمارة عقبة فاكوش أكد ان الملتقى هو بداية نشاط علمي تنحو به كلية العمارة لإعادة شعلة بريقها… فتاريخ العمارة خرج من مئزر مهندسين تشهد براعتهم أبنية مميزة تحكي عشقهم.. المتحدث الأول في الملتقى كان الدكتور بسام الأخرس الذي تحدث عن المعماري الكبير،. مؤكدا أنه من الرموز الكبيرة التي يجب أن نعترف لها بالنهضة العمرانية الكبيرة التي ساهم بها والتي أكد مسار عمله بها أن الهندسة ليست موهبة فقط وإنما علم وعمل أخلاقي ووطني.

الدكتور طلال العقيلي أسهب بالحديث عن شيخ المهندسين. موضحا أنه جمع بين العمارة والفلسفة والهندسة،، ومن خلال ذلك برزت استراتيجية عمل هندسي اعطى أبنية مدهشة مثل بناء العابد وفندق قصر الشرق ومبنى البنك المركزي والمصرف التجاري وتوسع مشفى المواساة وفلل خاصة في بلودان.. وكثير من أبنية تشهد براعة عمارة خليل الفرا وخصوصيته.

وأكد الدكتور العقيلي أن الفرا هو من اقترح موقع كلية العمارة في دمشق،. وكان من المهندسين الذين يزورون مواقع مشروعاتهم ليلا ليتأكدوا من سلامة كل التفاصيل التي تحيط بمشروعهم.. وهو من أرسى البعد الفلسفي للهندسة وتعمق عمله به.. كانت دمشق عشقه. وكانت لديه أنا معمارية. وعديد من المهندسين لديهم ذات الدافع، عمل معهم لمعالجة مشكللات دمشق وتنظيمها وإعطائها الهوية التراكمية ولذلك كانت دمشق أمثولة في البناء والجمال والعلاقات في حقبة عملهم، وهم من شكلوا الزمن الجميل للهندسة.

فصل مشكلات المدينة

ولأنه كان ابن مجتمعه. عمل مذكرة لمحافظ دمشق أوضح فيها وضع المخالفات والطرقات والأرصفة وحولها محافظ دمشق آنذاك وليد حمامية إلى خطة كانت تتابع من المكتب التنفيذي آنذاك… وهذا يؤكد أن دمشق كانت شغله الشاغل.. ولذلك كان يؤكد الحفاظ على المركز وعمارة الخمسينيات والستينيات وأن توسع دمشق يجب ألا يتم على حساب هذه العمارة الخاصة والمميزة.

دمشق عشقه الذي لم يفارقه

المهندس هيثم الفرا نجل المهندس خليل الفرا تحدث عن العمل الهندسي الذي كان عام ١٩٤٦ يقتصر على مئة مهندس.. ويسجل لهم ترسيخ العمل الجمالي والإبداع في الهندسة، وأكد أن والده كان متمسكا بدمشق و لم يغادرها في أي فترة صعبة مرت بها من حروب وأزمات. راويا لنا أنه في زمن الحرب كانت الطائرات تقصف مما أرعب وحيدته (ثريا) فأخذ العائلة إلى بيروت وأمن لها سكنها وطلب من ابنه العودة معه إلى دمشق باليوم نفسه… كان يرفض مغادرتها ويقول إنه آخر من يغادرها.

وتحدث نجل الراحل عن فلسفة أبيه بربط الماضي بالحاضر والمستقبل بالعمل الهندسي،. مشيرا إلى الروح الرحيمة التي كانت تشارك الجمعيات الأهلية بتبرعات تكفيها لمساعدة المحتاجين بمختلف أنواع المساعدة.

وأكد المهندس هيثم الفرا إطلاق جائزة باسم خليل الفرا تمنح سنويا للأعمال الهندسية المميزة…

ومن خلال فيلم قدمت فيه شخصيات هندسية مميزة عملت مع الراحل ومن لاصق عمله إبداع الراحل في مكتبه؛ يمكننا الجزم بأن العلم والعمل يلتقيان بأشخاص يحكم مسار علمها وعملها الأخلاق والإنسانية.. ورغم أنه شيء نفتقد وجوده في معظم المهن والحالات في أيامنا. إلا أن حساسية وأثر حضوره في تلك الأيام أعطيانا الأسماء العظيمة والخالدة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار