حلويات العيد للأغنياء فقط.. وخارج قائمة التسوّق لدى ذوي الدخل المحدود 

ثناء عليان:

مع انكماش (بساط) المواطن الذي كان يمد عليه (رجليه) سابقاً والذي لم يبقَ منه سوى مزق مهلهلة، تغير الكثير من العادات الاجتماعية التي تربى عليها جيلنا، فهناك شريحة واسعة من أبناء العائلات محدودة الدخل لا يعرفون معنى عبارة (حلويات العيد)، بعد أن قفزت الحلويات خارج قائمة التسوق لدى الكثير من المواطنين، وبمقارنة الوضع الحالي قبيل عيد الأضحى المبارك مع الوضع السابق قبل عيد الفطر، سنجد أن الكثير من العائلات التي استطاعت أن تخبز حاجتها من الحلويات حتى لا تحرم أبناءها من حلويات عيد الفطر والتي لم تقدر على شرائها جاهزة من السوق، لم تستطع الآن تأمين المواد اللازمة لصناعة الحلويات في البيت ناهيك بمشكلة الكهرباء والغاز المزمنة وباختصار، لم يعد للحلويات مكان في فرحة العيد عند الكثيرين ، وهذا ما يفسر الحركة الضعيفة جداً في محال الحلويات في طرطوس وبانياس، حتى إن رب الأسرة أصبح يتجاهل وجودها هرباً من عجزه المالي، بينما يتوقف أولاده أمام واجهات المحال متسائلين عن اسم هذا الصنف المحشو بشيء أخضر أو ذاك النوع.

وفي جولة لـ “تشرين” على أسواق طرطوس وبانياس أكد أصحاب محال بيع الحلويات ضعف الحركة الشرائية بسبب ارتفاع أسعارها، وقال السيد إبراهيم فاضل وهو عضو في الجمعية الحرفية للمواد الغذائية لـ “تشرين” وصاحب محل لبيع الحلويات: إن 80% من الزبائن يكتفون فقط بالسؤال عن الأسعار من دون أن يشتروا أي نوع، لافتاً إلى ارتفاع أسعار المواد الأولية كالسميد والطحين والسكر والسمن والزبدة والمكسرات، وأكد أن التجار الذين يبيعون هذه المواد لا يعطون فواتير نظامية وهذا يدفع صاحب محل الحلويات لشراء المواد الأولية من السوق السوداء، وتالياً رفع السعر حسب التكلفة، وبيّن أن سعر كيلو البقلاوة يتراوح بين 45000 والـ 75000 حسب الجودة ونوعية الفستق أو الكاجو والسمنة المستخدمة، ويتراوح سعر كيلو المعمول بين 25000 والـ 80000 ليرة، والمشكل من البقلاويات يتراوح بين 45 ألفاً وحتى 90 ألفاً حسب النوعية كذلك كيلو الهريسة 25 ألف ليرة، وكيلو الغريبة والبرازق 19 ألف ليرة.

ويكتفي أبو مجد صاحب محل حلويات بصناعة الحلويات الشعبية المعروفة وذات الأسعار المقبولة مثل “الهريسة، المعمول، البرازق، عش البلبل، البقلاوة المغشوشة بقشطة، والعوامة والمشبك وغيرها وتمت الاستعاضة عن الفستق الحلبي والكاجو بفستق عبيد وطبعاً جميع الحلويات مصنعة بالسمن النباتي.

 

تقول شيرين محمد -موظفة: “حلويات العيد هذا العام للأغنياء فقط، فأسعار الجاهز نار، كما أن من يرغب في إعداد الحلويات في المنزل لن يستطيع في ظل ارتفاع أسعار السمن والطحين والسكر أو سيقلل الكميات للنصف كما سأفعل هذا العام.

ويرى أحمد ديوب، وهو موظف، أن ارتفاع الأسعار أثر في الفرحة بالعيد التي ينتظرها المواطنون في ظل الظروف القاسية التي يعيشونها.

وأكدت وفاء أحمد -موظفة أنه بسبب ضعف القوة الشرائية للراتب أصبحت الحلويات للأسف من الكماليات، ولا يمكنها مزاحمة مواد المونة الأساسية على قائمة المشتريات الأكثر أهميةً، وأضافت: إن اشتريت لأولادي حلويات العيد سأحرمهم من البيض والحليب طول أيام الشهر، بل سيحرمون من مؤونة الكشك والبامية طوال العام القادم، الذي لا نعرف بعد خيره من شره، فربما سنتمنى في الأشهر القادمة العودة إلى وضعنا الحالي.

وقال إبراهيم يوسف- موظف: ستخبز زوجتي صينية هريسة في أول أيام العيد، على الأقل ستوفر علي شراء الحلويات من السوق، وبصراحة لم أعد أواكب ارتفاع أسعار الحلويات منذ زمن بعيد لأنها خرجت تماماً من دائرة اهتمامي، وسمعت أن سعر كيلو الحلويات من الأنواع الشعبية كالمشبك أو العوامة ١٠ آلاف ليرة، وبصراحة لولا شفقتي على الأولاد لست مستعداً لإدخال الحلويات إلى البيت.

وتقول دعد وسوف، ربة منزل، إنها كانت تقوم بتصنيع الحلويات في المنزل لكونها أكثر ضماناً، لكن غلاء الطحين والسميد والسمن والبيض دفعها للعزوف عن صنعه هذا العام، مشيرة إلى أن التكلفة عالية وكثير من الأسر غير قادرة على تحمل هذه النفقات.

مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في طرطوس- بشار شدود أكد أن عناصر حماية المستهلك موجودون في الأسواق لضبط الأسعار وعمليات البيع والشراء، واتخاذ الإجراءات المناسبة والصارمة بحق المخالفين ، وسحب عينات من المواد المشتبه بمخالفتها للمواصفات القياسية السورية والتقيد بالإعلان عن الأسعار المحددة والتدقيق بموضوع تداول الفواتير ضمن حلقات الوساطة التجارية، والتدقيق ببطاقة المواصفات وتواريخ الإنتاج ومدة الصلاحية لكل المواد وخاصة الغذائية منها، لافتاً إلى أن المديرية جاهزة دائماً لتلقي شكاوى المواطنين على مدار الساعة على رقم الهاتف ١١٩ لمعالجتها على نحو فوري.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار