على خلاف عيد الفطر “السعيد” نسبياً يمر عيد الأضحى “باهتاً” على معظم العائلات، التي “تصفر” جيوبها وسط ارتفاع “دوز” الغلاء بحيث زادت معظم مستلزمات العيد أضعافاً بعد أخذ التجار “عيديتهم” من تلقاء أنفسهم بلا اكتراث بالوضع الاقتصادي والمعيشي أو خوف من الرقابة التموينية المسلوبة الإرادة والأدوات جراء تخليها عن ورقتها الرابحة في قانون حماية المستهلك الجديد وفرض عقوبات مشددة على المخالفين.
تحتاج العائلة في هذه الأيام المعدودة لتأمين مستلزمات العيد “من قريبه” إلى مبالغ من سقف المليون وما فوق، هذا إذا بقي أفرادها جلساء البيت ولم يفكروا في ترفيه النفس خارجه، فالألبسة وحدها تكسر “الظهر” وضيافة العيد حدِّث ولا حرج، فكيف إذا فكرت في قضاء العيد في محافظة ثانية في زيارة للأهل أو البحر، وإن كان هذا الخيار غير متاح إلّا لقلة قليلة، فحتماً سترتفع التكلفة أكثر، على نحو يزيد المعاناة وخاصة بعد انقضاء أيام العيد وحساب المصروفات التي ستكون خارج الإمكانات المادية المتوافرة في ظل راتب ضعيف لا يتجاوز 150ألف في أحسن أحواله، والمستغرب تجاهل هذا الواقع الصعب المعروف والظاهر بوضوح في جمود الأسواق الميتة، حيث يجلس أصحاب المحال التجارية معظم الأوقات “يكشون الدبان” وقد يمر اليوم كاملاً من دون “استفتاحية” مع لحظ قلة الزبائن، وإن وجدوا كانوا متفرجين ومتحسرين، فالسلع متوافرة ولكن لا قدرة على الشراء على مبدأ “شم ولا تدوق”.
ورغم الضيق المعيشي تحاول كل عائلة بطرقها الخاصة وإدارتها التقشفية تدبير أمورها ضمن المتاح ومحاولة عدم مرور العيد كأي يوم عادي وتمضيته بـ”نكهة الفرح” حتى لو عكّر الغلاء الأجواء بهمة تجار الأزمات والفاسدين والمقصرين من باعة الكلام بلا أفعال، تنعكس بالخير على ملايين العائلات المنتظرة فرجاً قريباً والخلاص من الضائقة المادية والاقتصادية والعودة إلى زمن كان الكبير قبل الصغير ينتظر قدوم العيد للم شمل العائلة وعيش تفاصيله الاجتماعية المحببة من دون اكتراث بالتكلفة المادية، فالخير كان كثيراً وضبط الأسواق قائم على قدم وساق، حيث كانت المنافسة تحكم وتخفض الأسعار أيضاً، والمستهلك يستفيد من هذه الميزة بكل أريحية، وهذا لم يعد متاحاً لكن بالإمكان تبديل الحال والعودة إلى زمن العز حينما كانت البلاد للفقراء والأغنياء وليس حكراً على طبقة معينة، إذا نصبت إدارات ذات خبرات وكفاءات وأيدي بيضاء، فالخير كثير رغم الحرب والحصار و إدارة الأزمات شرط استثماره وتوزيعه بعدل وإنصاف، وحتماً عند الخلاص سيكون العيد عيدين ولن نقول كما اليوم بأي حال عدت يا عيد!