الفشل والهزيمة يدفعان واشنطن للانتقام وتدمير العالم
ميشيل كلاغاصي:
على الرغم من شراسة المعارك العسكرية والسياسية والإعلامية التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا والصين، إل~ا أنها تحصد يوماً بعد يوم تراجع مكانتها وهيبتها على المسرح الدولي, وتلحق بنفسها الهزيمة تلو الأخرى خلال تحديها القوة الصينية المتنامية، وبفرض حزم العقوبات المتتالية على موسكو بهدف “تدمير الاقتصاد الروسي”، الأمر الذي انعكس بوصول الروبل إلى مكانة مرموقة في سوق العملات الدولية، وساهم بدعم الاقتصاد الروسي، وبعلو إضافي لمكانة الكرملين حول العالم، في الوقت الذي انعكست فيه الخطط والمعارك الأمريكية- الأطلسية سلباً على الاقتصاد الأمريكي ودول المعسكر الغربي التابعة بالدرجة الأولى.
لقد أدت سياسة العقوبات التي فرضتها واشنطن على إمدادات الطاقة الروسية، إلى ارتفاعٍ غير مسبوق في أسعارها العالمية، وانعكس زيادةً كبيرة على أسعار المحروقات والمواد الغذائية والكهرباء وغير ذلك، في الولايات المتحدة وعموم أنحاء العالم.
من اللافت، أن يكتشف الأمريكيون والأوروبيون، أن محاولة خنق وتدمير الاقتصاد الروسي، منحت موسكو فرصة إدخال زبائن ومشترين جدد، أظهروا استعدادهم للحصول على النفط والأقماح ومختلف الصادرات الروسية، بالعملة والشروط الروسية، ووقعت المفاجأة، وارتدت العقوبات على من فرضها، والهزيمة على من قرر المواجهة، بحسب أجندة البيت الأبيض والبنتاغون، وعبر خندق الناتو العسكري .
وعلى قاعدة “راحت السكرة وأتت الفكرة”، بدأ صراخ بعض الساسة الأوروبيين يعلو، تأكيداً بأن الولايات المتحدة ومن تبعها من القادة الأوروبيين، تسببوا بتردي الاقتصاديات والصناعات الأوروبية، من خلال العقوبات على روسيا، وتمنى رئيس الوزراء الإيطالي على شركائه الأوروبيين “وقف الضغوط والعقوبات على روسيا، للحد من تراجع اقتصاد الاتحاد الأوروبي أمام الاقتصاد الروسي”.
لقد أدى التضخم، وارتفاع أسعار البنزين والمنتجات الغذائية، وانحدار الأسواق المالية، لإشاعة القلق داخل الولايات المتحدة والعواصم الأوروبية بالدرجة الأولى، وأكد فشل المخططات الأمريكية، وسياسات تدمير الدول والاقتصاديات الأخرى، وجرّ العالم إلى سباق التسلح وتشكيل التكتلات والأحلاف العسكرية الجديدة، وزج الدول في قتال الدول للقضاء على أعداء أمريكا .
ولأجل استنزاف روسيا والدول الأوروبية على حدٍ سواء، ولأجل ما خفي من النوايا الأمريكية، تجاه أدواتها ومن تدعوهم حلفاءها وشركاءها الأوروبيين، اقترحت واشنطن في عشية قمة مدريد، وما نسبته لقيادة الناتو، والحاجة لزيادة أعداد قوات التدخل الأطلسية من 40 إلى 300 ألف جندي، على الحدود الروسية وتوسيع وجود الناتو في أوروبا، الأمر الذي يضع إشارات الاستفهام حول هدف هذا المقترح، وخطورة أن يؤدي إلى صدام عالمي جديد من جراء النوايا والإجراءات المتهورة لواشنطن وحلف شمال الأطلسي.
في الوقت ذاته، يتخذ توسع الناتو في الشرق الأقصى شكل المواجهة مع الصين، خصوصاً بعد الإعلان عن المفهوم الإستراتيجي الجديد لحلف الناتو، بأن الصين تشكل ” تهديداً ” للأمن والاستقرار في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، بما يبرر لواشنطن دعمها للانفصاليين في تايوان .
كيف يمكن للعالم أن يقنع الولايات المتحدة بالنتائج التي تمخضت عنها مرحلة تسيدها وتفردها بقيادة العالم، والتي أدت إلى نهاية عالم القطب الواحد، وبأنه لا جدوى من الانتقام وإغراق العالم في الفوضى الجيوسياسية والتجارية والاقتصادية التي تفرضها الولايات المتحدة الأمريكية، بما يهدد الحياة على سطح الكوكب؟.