إشكالية الترجمة للأطفال بوادقجي: على الجنس الأدبي المترجم امتلاك الحسّ التربوي واللغوي العالي
سلام الفاضل
تناولت كثير من الدراسات والأبحاث موضوع الترجمة للأطفال، وما لهذا الأمر من مساوئ يكتنفها، أو حسنات ينطوي عليها؛ ولا يختلف اثنان على ما للترجمة بمفهومها العام من أثر إيجابي ينعكس بصورة مباشرة، أو غير مباشرة على ثقافات الشعوب، وأفكارها، ورؤاها بما يترتب عنها من تعريف هذه الأقوام على أحدث المخترعات، وربطها بآخر المكتشفات، وتقديم أجود ما خطته أقلام الكتّاب والأدباء حول العالم إليها، ولا أظن أن الترجمة للطفل تخرج عن هذا المضمار، وللتوسع أكثر في الحديث عن أدب الأطفال المترجَم التقت “تشرين” رئيسة تحرير مجلة “شامة” الكاتبة أريج بوادقجي التي رأت بداية أن الترجمة للطفل هي رافدٌ مهم وغزير من روافد أدب الأطفال، وكما نؤكد أن ليس كل كاتب هو كاتب للأطفال، فكذلك نؤكد أن ليس كل مترجم قادراً على الترجمة للطفل، وأردفت: “تبدأ مهمة المترجم الراغب بالترجمة للطفل من بحثه واختياره النص المناسب للفئة المستهدفة، سواء أكان ذلك من جهة العمر، أم البيئة المجتمعية، أم الموضوع المراد التركيز عليه، لتأتي فيما بعد رحلة ترجمة النص، التي قد تعترضها مشكلة الترجمة الحرفية، إذ يعتقد بعض الراغبين في الترجمة أن الترجمة للطفل بشكل خاص هي مجرّد عمل آلي، وهذا أمر يودي بالنص المترجم إلى غياهب التشويه والضعف، مهما كان النصّ الأصل مميزاً، إذ لابدَّ من فهم روح النص وتشّربها، وتحليل الوضع الخارج عن النص، وصولاً إلى إعادة إنتاجه وإبداعه بأبهى حلّة”.
مشيرة إلى أن عدم فهم النص أولاً، وعدم فهم خصوصية اللغتين اللتين يعمل عليهما المترجم في المقام الثاني يسهمان في إنتاج كثير من النصوص المترجمة الرديئة التي تسيء حتماً للنص الأصل، وتقوده إلى أماكن أخرى لم يكن يقصدها المؤلف.
وتابعت بوادقجي حديثها موضحة الدور المهم الذي يلعبه أدب الأطفال المترجم في تفعيل التبادل الثقافي، وتقبل الآخر، شرط ألّا يمس بالقيم التربوية المحلية، وأن يحمل قيمة مضافة معرفية، وإنسانية للطفل، وألّا يكون لمجرد الترجمة فقط.
وعليه ينبغي على المترجم لأدب الطفل وفقاً لما ختمت به بوادقحي حديثها: “أن يمتلك القدرة على انتقاء ما يناسب الطفل السوري، والتصرف بالنص المترجم قليلاً، ربما، من دون المساس بجوهر العمل الأصل، فالترجمة بتصرف، والتعديل والتكثيف، والتطويع تبعاً لثقافة الطفل، هي مهارات يصعب توافرها في أي مترجم، ويجب أن تتوافر في مترجم أدب الأطفال؛ فليس كل نص صادر في مكان هو نص يستحق الترجمة، وعليه لا بدَّ للمترجم المتخصص في هذا الجنس الأدبي أن يمتلك الحس التربوي، واللغوي العالي”.
وبناء على ما سبق يمكن أن نعي ما لترجمة هذا الجنس الأدبي من أهمية تقف عليه، لأنه يسهم في توسيع آفاق الطفل، وزيادة مداركه، وتطوير مفرداته ولغته شأنه في ذلك شأن الأدب المؤلف للطفل، شرط أن تتوافر في النص المترجم جملة من الخصائص ليصيب هذا العمل الهدف الذي وُضع من أجله.